التوجيهات السامية ومجلة مُرشد للأطفال

 

 

حمود بن علي الطوقي

"مُرشد".. علمٌ وأخلاق وانتماء

 

مع بزوغ فجر العام الجديد 2023، تدخل مجلة مرشد للأطفال، أول مجلة أطفال عُمانية، عامها الثامن، واستحضر وأنا أكتب هذا المقال الاحتفالية بتدشين العدد الأول من المجلة تحت رعاية وزير الإعلام السابق الدكتور عبدالمنعم بن منصور الحسني، وبحضور عدد كبير من المدعوين، الذين كان من بينهم الكاتب والأديب العماني المعروف الأستاذ أحمد الفلاحي.

أذكرُ جيدًا عبارات الثناء المُحفزة لهذه الخطوة الجريئة بإصدار مجلة متخصصة للأطفال، وقتها قال لي "سنشدّ على أزركم لكي تؤدي هذه المجلة رسالتها الهادفة"، وطلب من معالي الوزير أهمية دعم هذا المشروع الوطني؛ لأنه مشروع يُخاطب الناشئة، وكان رد معالي الوزير "بإذن الله ستكون مجلة مرشد عربية الانتشار؛ كونها عُمانية المنشأ والهوية وستتخطى المحلية بإذن الله".

اليوم تُشعل المجلة شمعتها الثامنة وتُقدِّم رسالتها بكل مهنية للناشئة؛ حيث وجّهت رؤيتها لخدمة الطفل العماني من مسندم إلى صلالة، واستطاعت، رغم التحديات، أن تشق طريقها باقتدار وتسد الفجوة؛ كونها مجلة تحمل في طياتها رسائل هادفة وقيماً أصيلة مستمدة من الهوية العمانية الأصيلة.

واستطاعت المجلة أن تثبت وجودها على الرغم من التحديات التي تواجه الناشئة بسبب توجه الأطفال لاقتناء الأجهزة اللوحية الإلكترونية؛ الأمر الذي فرض علينا أن نُطلق حزمة من المبادرات لحث الطفل على القراءة، وحققت مبادراتنا الموجهة للأطفال "هيّا نقرأ مع مرشد" نجاحات عدة، وساندنا في تحقيق هذا الهدف النبيل بعض الأسر التي آمنت برسالة المجلة، وكذلك حملتنا التربوية التي جابت كل المحافظات العمانية، وكانت المجلة تؤدي دورها في تعريف الناشئة بأهمية القراءة وتدعوهم إلى الابتعاد عن الأجهزة الإلكترونية؛ حيث يقضي الكثير من أطفالنا ساعات طويلة عليها دون فائدة، مما حدا بالمجلة أن تدخل بقوة في تغيير المسار؛ لكي توجّه الأطفال إلى القراءة من خلال التعريف بالشخصيات العمانية التي تقدمها المجلة لأنها تغرس في رسالتها ثقافة الانتماء والمواطنة.

على مدار هذه السنوات والمجلة تطرق الأبواب، فهناك من يستمع إلينا ويحاورنا ويدعم رسالتنا، وهناك من يغلق الأبواب علينا، وهؤلاء- للأسف- كُثرٌ، ولا يؤمنون بالدور الذي يمكن أن تؤديه المجلة في تعريف الناشئة بالموروث العماني الأصيل وأهمية المجلة في نقل المعرفة بأسلوب محبب للأطفال.

على مدار السنوات الماضية، قدمت المجلة شخصيات وعظماء من عمان؛ حيث وصل عدد الشخصيات التي نشرت المجلة عنها أكثر من 80 شخصية عمانية، كما ركزت رسالة المجلة على تعريف الناشئة بالقيم والعادات والتقاليد العُمانية، مع إبراز المواهب العمانية الفذة؛ حيث اكتشفت المجلة أن مواهب أطفال عمان عظيمة، وقدمت المجلة لهؤلاء العباقرة دعمًا وتشجيعًا لهم كي يواصلوا العطاء.

تعمل المجلة من خلال رؤيتها ورسالتها على تحقيق ما تحمله رؤية "عمان 2040" من قيم في محور الإنسان العماني، الذي يبدأ تكوينه كعود ليّن، كما تعمل المجلة على مواكبة متطلبات رؤية "عمان 2040" بما تحمل من دلالات للناشئة.

وما يُشجّعنا على الاستمرار رغم عدم وجود تعاون من الجهات الحكومية والقطاع الخاص، رغبة الأم العمانية والأب العماني في اقتناء أعداد هذه المجلة، وتقديم الشكر والثناء لنا على استمرارنا في تحقيق هذا الجهد المتميز الذي يخدم الناشئة.

في كثير من الأحيان يطالبوننا أن تتحول مجلة مرشد إلى قناة تلفزيونية؛ لأنها تقدم محتوى متميزًا وراقيًا، ودائمًا ما يكون ردي أن هذا هو الطموح الذي نسعى إلى تحقيقه، وبإذن الله سيأتي يومٌ ونرى للطفل العماني قناةٌ كما أصبح الآن للطفل العماني مجلة.

مجلة مرشد تعاظمت مسؤوليتها الآن، بعد أن حثَّ مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- خلال ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء الأخير، على أهمية العمل على ترسيخ المبادئ والقيم العُمانية الأصيلة، المستمدة من تعاليم ديننا الحنيف، وحث الأسر على الأخذ بأيدي أبنائها "وتربيتهم التربية الصالحة نظرًا لما يشهده العالم من تغيرات في السلوكيات والمفاهيم وترسيخ البعض لمفاهيمهم، واستغلال مبادئ حقوق الإنسان، وغيرها من المبررات لفرض رؤى وبرامج وسلوكيات لا تتفق مع الثوابت والمبادئ السائدة".

إنَّ هذا التوجيه الأبوي من لدن جلالته لأبناء المجتمع، يحمّلنا- حكومةً ومجتمعًا- مسؤوليات كبيرة؛ بل يحمّلنا أمانة المحافظة على هذه القيم وغرسها في نفوس الناشئة، وهذا ما آمنت به المجلة منذ صدور عددها الأول، وبقية الأعداد التي تصدر شهريًا، وتتمسك بنشر هذه القيم والسلوكيات الحميدة؛ لأنها التحدي الأقوى الذي يجب أن يتعاون الجميع من أجل القيام به.

إننا نعاهد جلالة السلطان المفدى- نصره الله- أن نمضي في ترجمة التوجيهات السامية الكريمة بما ينعكس إيجابًا على أبنائنا؛ كون رسالة المجلة تتعاظم ومسؤوليتنا الإعلامية تجاه الناشئة من أبناء عمان، أصبحت واجبة علينا؛ بل سنعمل بكل جهد واقتدار لتطوير محتوى ورسالة المجلة، بما يتواكب مع تلكم التوجيهات السامية.

وفي الختام.. إنَّنَا نتمنى أن نواصل العطاء، وندعو الجميع لمؤازرتنا والأخذ بأيدينا، كي نحقق الأهداف المنشودة، ونعمل سويًا على الأخذ بأيدي أبنائنا وتربيتهم التربية الصالحة؛ استجابةً للتوجيه السامي الحكيم في هذا الصدد.