علي بن مسعود المعشني
كان لقرار مجلس الشورى بسلطنتنا الحبيبة، تغليظ مقاطعة الكيان الصهيوني الغاصب عبر إضافة مواد قانونية على القانون السابق الصادر عام 1972 وتغليظ العقوبات، أثرٌ طيبٌ وملموسٌ في نفوس العُمانيين، ولمست ذات المشاعر لدى عدد كبير من الأشقاء العرب في جغرافيات واسعة، وبلا شك سيكون نفس الأثر لدى أحرار العالم وأصحاب الضمائر الحيَّة؛ فهناك كيان غاصب وأقوام دخلاء دون أي وجه حق، وفي المُقابل هناك دولة تعاني من ويلات الاحتلال وهي فلسطين، وشعب أصيل مُضطهد من هذا الاحتلال البغيض هو الشعب الفلسطيني.
قرار مجلس الشورى يُمكن قراءته من جوانب متعددة؛ كونه ذا قيمٍ سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية وأخلاقية كذلك؛ فهو ورقة قوية بيدِ الحكومة كي تتسلح بموقف صلبٍ ومناسبٍ وسياديٍ مُقابل هذه القضية وغيرها من القضايا المصيرية مستقبلًا على اعتبار أنَّه صوت الشعب العُماني وخيار الدولة العُمانية.
قانون مقاطعة الكيان الصهيوني الصادر عام 1972- وكما هو معلوم-ناتج عن قرار عربي مُوحد أتى في سياق ترجمة مفهوم الأمن القومي العربي، وحق تاريخي طبيعي لا يقبل المساومة أو التجزئة أو التفسير وهو عروبة فلسطين.
وتغليظ العقوبات اليوم يأتي وفق مقتضيات العصر، والتي تدفعنا لسد الثغرات القانونية التي قد يتسلل منها العدو ويحقق غاياته؛ سواءً عبر وسائل التقنية الحديثة، أو غيرها من الأدوات والوسائل التي لم ترد صراحة في القانون السابق لدواعي ومقتضيات زمنه.
ويحمل التعديل القانوني المقترح دلالات تاريخية وأخلاقية وسياسية عميقة، تُعبِّر عن ضمير وقيم سلطنتنا الحبيبة، والتي عُرفت عبر تاريخها بمقاومة الاحتلالات ومناصرة القضايا العالمية العادلة، وعلى رأسها قضية فلسطين، لهذا فعلينا كعُمانيين اليوم دين تاريخي لا يمكننا التنصل منه أو التنكر له؛ بل مُلزِم لنا الإضافة والبناء عليه، كما إن دور مجلس الشورى هو التعبير عن ضمير الشعب، والعمل كمجسات فاعلة لحماية ثوابت الدولة وقيمها السياسية وموروثها التاريخي ومقتضيات مصالحها العميقة، وهذا ما لمسناه وسنجنيه من قانون تغليظ المقاطعة والقوانين المثيلة مستقبلًا، والتي تحمل ذات الدلالات وتُشكل مناعة للدولة وفاعلية وحيوية لها.
قضية فلسطين قضية عادلة وواضحة المعالم والأركان، ومحل إجماع أحرار العالم ومناضليه، والشعب الفلسطيني شعبٌ حيٌ وحيويٌ وفاعلٌ ومناضلٌ، وبالتالي لا يجوز لأيٍّ من كان أن يقوم مقامه أو ينتحل صفته في حل قضيته بشكل كلي أو جزئي دون مشورته وإرادته.
لا شك عندي أنَّ مجلس الشورى في سلطنتنا الحبيبة، وبناءً على هذا القرار التاريخي، يمكنه القيام بأدوار سيادية وقوانين وقرارات لها بالغ الأثر على الدولة العُمانية وحماية مصالحها وموروثها القيمي، كما إن أبجدية السياسة هي صياغة المواقف بما يُرضي السواد الأعظم من الشعب، ويراعي مصالحه ويخدم المصالح العليا للوطن دون إخلال بالجوار الحيوي للوطن أو المساس بمصالح الآخرين.
قبل اللقاء.. بصريح العبارة وعميق الدلالات والمنطق، من يُقر ويبارك احتلال الكيان الصهيوني لفلسطين سيُقر ويُبارك بلا أدنى شك أي احتلال لوطنه أو غيره من الأوطان، ويُسفِّه في المقابل قيم النضال وحقوق الشعوب في التحرر.
وبالشكر تدوم النعم.