تشو شيوان **
كما هي العادة ألقى الرئيس الصيني شي جين بينغ عشية رأس السنة الجديدة كلمة تهنئة بالعام 2023، وبُثت عبر منصات وقنوات مجموعة الصين للإعلام وشبكة الإنترنت، ومن تابع الكلمة المهمة سيجد أن الرئيس الصيني قد لخّص إنجازات الصين خلال الفترة الماضية في هذه الكلمة، ليس هذا فقط؛ بل رسم طريقًا واضحًا لمستقبل الصين، وبيّن للعالم أن الدولة الصينية دولة كبرى تُحركها الإنجازات وينبض في قلب شعبها تطلعات بناء مستقبل أفضل.
ولعل أبرز ما جاء في كلمة الرئيس الصيني وصف الحالة والمكانة الاقتصادية التي تحتلها الصين عالميًا، وتأثير ذلك على مسؤولياتها تجاه المجتمع الدولي؛ حيث قال الرئيس شي: "إن بلادنا التي تبقى ثاني أكبر اقتصاد في العالم، يشهد اقتصادها تطورًا مستقرًا وسليمًا، ومن المتوقع أن يتجاوز إجمالي الناتج المحلي لبلادنا في السنة الجارية 120 تريليون يوان صيني". ومن خلال ما سبق يتضح جليًا أن الصين تسعى لتطوير نفسها اقتصاديًا ولديها خطط طموحة في ذلك بعيدًا عن المنافسة التي توضع الصين كأحد أطرفها، ولكن بالنسبة للصين هي تمضي ولنرى المستقبل بشكل أفضل.
إنَّ الصين والتي خرجت من عباءة المجاعات منذ سنوات طويلة وأصبحت قوة زراعية عالمية توفر الغذاء لمئات الملايين من البشر، ورغم أن الصين تحولت لدولة صناعية، إلّا أنها لم تتخلَ عن الزراعة كقوة يتمتع بها أبناء الشعب الصيني، وكان لها الفضل في قوتنا كدولة في جميع المجالات وجعلتنا ورغم تعداد سكان الصين الكبير، لا نواجه أي أزمات غذاء. وقد قال الرئيس شي في كلمته إنه "في مواجهة أزمة الغذاء العالمية، حققت بلادنا الحصاد الوافر لإنتاج الحبوب للسنوات الـ19 المتتالية، مما قدم ضمانًا أقوى لأبناء الشعب الصيني في مجال أمن الغذاء. وعملنا على ترسيخ نتائج متحققة في مكافحة الفقر، ودفعنا النهوض بالأرياف على نحو شامل، واتخذنا حزمة من الخطوات بما فيها تخفيض الضرائب والرسوم لتذليل الصعوبات للشركات، مع بذل قصارى الجهد لحل المشاكل الملحة والمستعصية التي تواجه جماهير الشعب". وهذا إنْ دلَ فيدلُ على أن الدولة الصينية من أكبر إنجازاتها خلال السنوات الماضية، التخلص من الفقر والنهوض بالأرياف وتحسين معيشة أبناء الشعب الصيني.
وحققت الصين كذلك الكثير من الإنجازات الرياضية والعلمية والصناعية وهذا ما أوضحه الرئيس شي في كلمته عندما قال "إن الصين اليوم صين حققت أحلامها واحدًا تلو الآخر؛ حيث كان رياضيو الثلج والجليد يتسابقون في الملاعب، وحققوا نتائج رائعة في الأولمبياد الشتوي والباراليمبياد الشتوي، اللذيْن أقيما بنجاح في بكين، وأطلقت الصين مركبات الفضاء "شنتشو-13" و"شنتشو-14" و"شنتشو-15" بشكل متتالٍ، وتم إنجاز محطة الفضاء الصينية بشكل كامل، التي تتجول في الكون كـ"بيت الفضاء" لنا، وتم تسليم أول طائرة ركاب كبيرة من طراز"سي-919"، وتم تشغيل محطة بايخهتان الكهرومائية بكامل طاقتها، وقد تحقق كل ذلك نتيجة للجهد والعرق لعدد لا يًعد ولا يحصى من الناس".
لا يمكنني أن أجد كلمة أو وصفاً لكل هذه الإنجازات أجمل من وصف الرئيس شي؛ حيث قال "تتجمع شرارات صغيرة لتكون مشعلًا مضيئًا.. ها هي قوة الصين!"، وفعلًا قوة الصين تكمن في جهود صغيرة تتجمع لتصبح عظيمة وفريدة.
إنَّ مبدأ الصين واحدة والاستقرار الصيني الداخلي من أعظم إنجازاتنا كدولة وشعب، وقد أكد ذلك الرئيس الصيني عندما قال: "طالما رسخنا الثقة وتقدمنا باضطراد من خلال الحفاظ على الاستقرار، سنحقق أهدافنا المحددة بكل تأكيد. زرتُ هونغ كونغ هذا العام، ورأيتُ بارتياح أن هونغ كونغ ستتحول من الاستقرار إلى مزيد من الازدهار. طالما تم تنفيذ "دولة واحدة ونظامان" بحزم لا يتزعزع، ستشهد هونغ كونغ وماكاو الازدهار والاستقرار الدائمين بكل تأكيد، وهذا يؤكد أن الصين قوة بوحدتها وبمتانة نظمها السياسية الخاصة.
وقال الرئيس شي كذلك: "إن الصين كبيرة جدًا، ومن الطبيعي أن تكون هناك مختلف المطالب لدى مختلف الناس، وتكون هناك مختلف الآراء حول نفس الأمر، فمن المطلوب بلورة التوافق عبر التواصل والتشاور"، وهذا يوضح لنا أن الحوار والتشاور هو الطريق لقيادة الشعب ولشكل العلاقة بين الشعب ومتطلباته والدولة ونظمها وتوجهاتها.
ومن وجهة نظري، أجدُ أن سياسة الصين في التعامل مع المطالب الشعبية واحتياجات الشعب الصيني نموذج إيجابي، فقد استطاعت الصين بناء شعب متوحد رغم الاختلافات فالصين كبيرة جدا ومتنوعة جدًا، وهذا الاختلاف مصدر قوة إن أحسنا استثماره وتوظيفه بالشكل المناسب.
لا يوجد أفصل من أن اختتم طرحي هنا بهذه الجزئية من كلمة الرئيس شي عندما قال: "لا يوجد مستحيل ولا توجد عتبة لا يمكن تجاوزها، طالما وحّد الشعب الصيني البالغ عدده 1.4 مليار نسمة أفكاره وجهوده بروح الفريق الواحد وبالتساند والتعاضد. بما أن أهالي جانبي مضيق تايوان من أسرة واحدة، آمل منهم بكل إخلاص أن يبذلوا جهودًا مشتركة ويتقدموا إلى الأمام يدًا بيدٍ، بما يوفر رفاهية طويلة الأمد للأمة الصينية"، وفعلا لا يوجد مستحيل إذا تكاتفت الايادي، وأجد أن هناك دعوة لأبناء مضيق تايوان على الجانبين لكي يوحدوا الهمم لنزع فتيل الفتنة الذي تحاول بعض القوى زرعه وهنا رسالة واضحة بأننا أبناء دم واحد ويجب أن لا ندع الغرباء يعكرون صفوة الحياة فيما بيننا.
هذه كانت جزءًا إنجازات الصين في العام الماضي، ونحن كصينيين لنا موعد كل يوم مع إنجازٍ جديدٍ يرتقي بحياتنا وبحياة شعوب العالم كافةً.
** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية- العربية