الحرب الروسية.. وأزمة النفط

 

فايزة الكلبانية

faizaalkalbani1@gmail.com

 

طالعتنا أخبار الصحف والإعلام خلال الأسبوع الماضي بفرض الاتحاد الأوروبي ودول مجموعة السبع وأستراليا حداً أقصى لسعر النفط الروسي، عند 60 دولارًا للبرميل، ويُعد وضع سقف لسعر النفط الروسي تطور خطير جدًا في سوق الطاقة؛ لأن ما قد ينجح اليوم مع روسيا سيتم تطبيقه لاحقًا مع الدول المُنتجة للنفط، ومن هنا لا بُد من رفض هذا النوع من السياسات العدائية المتخذة ضد الدول المنتجة للنفط، لا سيما وأنَّ فرض هذا القرار يأتي في ظل وجود الحظر الأوروبي على واردات الخام الروسي التي يتم نقلها بحرًا، إلى جانب التعهدات من الولايات المتحدة وكندا واليابان وبريطانيا باتخاذ إجراء مماثل، ما يهدد بمزيد من الاضطرابات في سوق النفط، التي يجب أن تظل في منأى عن التجاذبات السياسية والصراعات مهما وأينما كانت.

بعض المحللين يُؤيدون أن تتجه روسيا لخفض إنتاجها النفطي بدلًا من الموافقة على الحد الأقصى للسعر الذي ستفرضه عليها دول الاتحاد الأوروبي، وحسب ما تشير إليه المؤشرات فإن صادرات روسيا من نفط البلطيق ستتراجع بنسبة 20 بالمئة في الشهر الجاري مقارنة بالشهر الماضي نتيجة لهذا القرار.

وردًا على هذا القرار، فقد قررت روسيا تقليص إنتاجها من النفط بما يتراوح بين 5 و7 بالمئة في مطلع العام 2023، ويتراوح التخفيض في الإنتاج بين 500 ألف و700 ألف برميل يوميا، إلى جانب قرارها بوقف المبيعات للدول التي تدعم هذا القرار.

ومن المتوقع عدم نجاح نتائج هذا القرار؛ لأن روسيا غالبًا ستتجه للصين ودول الشرق التي تستهلك كميات كبيرة من النفط، وفي المقابل سيؤدي ذلك إلى أن تشهد أسعار النفط ارتفاعًا في الأسواق العالمية لكن ستظل التذبذبات قائمة، لهذا لابُد من رفض الفكرة بشكل تام، لا سيما وأن أسعار النفط شهدات خلال الأيام الماضية ارتفاعًا بعد تهديدات روسيا بتقليص الإنتاج اعتبارًا من بداية 2023، أي بعد أيام قليلة.

الجميع لا زال يتساءل إلى أين ستتجه أسعار النفط؟! والوضع في ظل الحرب الروسية الأوكرانية ما زالت في ضبابية وعدم استقرار ووضوح ولكن الأكيد أنَّ هذه المؤثرات ستتفاقم كأزمة عالمية، قد تطال كافة دول العالم وقطاعات الاقتصاد المختلفة لكون النفط كما نتفق جميعناً يعد أحد أضخم الأسلحة السياسية في الحروب كما هو الحال اليوم.

والحمدلله أن حكومتنا الرشيدة قد اتخذت ما يلزم من إجراءات واحتياطات، ووضعت سعر نفط معياري للإيرادات المتوقعة عند مستوى 55 دولارًا، ورغم أنَّ هذا السعر يختلف بدرجة كبيرة عن متوسط مبيعات 2022 وكذلك متوسط الأسعار الحالية، لكن أعتقدُ أنه مستوى جيد رغم أنه تحفظي، ورغم أنَّه يسجل عجزًا اكتواريًا محتملًا، لكن هذا يشجعنا على تدبير نفقاتنا وتحصيل إيراداتنا بدرجة عالية من الكفاءة.

ولذلك استبشرنا جميعًا بالأرقام التي أعلنتها وزارة المالية في لقائها الإعلامي للكشف عن البيان المالي الأوّلي، والذي ذكرت فيه أن تقديرات الميزانية العامة للدولة للسنة المالية 2023 تُشير إلى توقعاتٍ بتحقيق إيرادات تبلغ 11 مليارًا و650 مليون ريال عُماني، ارتفاعًا من 10 مليارات و580 مليون ريال إيرادات معتمدة في 2022، بينما تشير التوقعات إلى أن الإنفاق العام سيبلغ نحو 12 مليارًا و950 مليون ريال، مرتفعًا عن الإنفاق المعتمد في 2022 والذي بلغ 12 مليارًا و130 مليون ريال، وبذلك تسجل الميزانية العامة للدولة لعام 2023 عجزًا تقديريًا قدره مليارًا و300 مليون ريال، انخفاضًا من مليارٍ و550 مليون ريال في 2022.

وختامًا.. إننا نتفاءل دائمًا بالخير العميم لوطننا الحبيب، تحت القيادة الحكيمة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- الذي يقود سفينة الوطن وسط العديد من التحديات، لكن بالجهود المخلصة والتكاتف المجتمعي سنُحقق التطلعات ونصل إلى أهدافنا المستقبلية التي تتضمنها رؤيتنا الوطنية "عُمان 2040"، لتحقيق الرخاء والازدهار في عموم وطننا العزيز.