خالد بن سعد الشنفري
من المواقف الطريفة الكثيرة لنا في المخيم أننا بدأنا في تمام السادسة صباحًا من أول أيام المخيم الجري إلى خارج المخيم للرياضة الصباحية ونحن نصرخ بصيحتنا الكشفية .. كشافة ظفار قوة ورجولة .. وكنا نحسب أنفسنا أول من بدأ التمرين الصباحي إلا أننا فوجئنا ونحن نجتاز بوابة المعسكر إلى خارجه بدخول فرقة مطرح بعد أن أنهوا تدريبهم الصباحي ..موقف آخر لا أنساه من هذه المواقف وإن كانت نهايته حزينة وهو ماحصل من أحد زملائنا ليلا قبل النوم، فقد كان أحد الزملاء في الخيمة ذا بشرة بيضاء يغط في نومه فأحضر صاحبنا رماداً من المطبخ بغرض صبغ وجهه ليصحى في صباح اليوم التالي ووجهه أسود فنتندر عليه، إلا أنه أثناء الصبغ استيقظ الزميل النائم فجأة وفتح عينيه، تفاجأ الذي همَّ بصبغ وجه ومن شدة المفاجأة أفلت قبضته ليسقط الرماد داخل عينيه مباشرة ولم نفلح بتخفيف ألمه لا بالماء أو ما لدينا من علبة إسعافات أولية مما أضطرنا لنقله للمستشفى الذي لم يكن قريبا من موقع المخيم.
بعد حفل الختام وانتهاء أيام المخيم تمت استضافتنا نحن فريق كشافة ظفار بسكن الطلبة الملحق بمدرسة جابر بن زيد بالوطية التي تعتبر من أوائل المدارس التي أنشأت بعد عصر النهضة لترفد مدرستي سعيدية مسقط وسعيدية مطرح وتستقبل طلبة من خارج العاصمة مع توفير السكن والإعاشة.
روي كانت أول منطقة في ولاية مطرح يمتد لها العمران آنذاك وشارع السلطان قابوس الذي كان لايزال بمسار واحد، عند بداية دخول روي من هذا الطريق لاتكاد ترى مبنى كبيرا مرتفعا سوى فندق الفلج ومبنى مجمع الوزارات، المنطقة التجارية الحالية بروي كانت عبارة عن بقايا مدرج مطار بيت الفلج القديم الذي تمَّ إلغاؤه بعد تشييد مطار السيب، المبنى الدائري على شكل قبة كبيرة المقابل لبريد روي كان أول سينما مقفلة مكيفة يوجد بها كافتيريا تديرها عائلة من لبنان الشقيق.
مطرح المدينة وسوقها التاريخي (سوق الظلام) كانت لازالت تعد المركز التجاري الوحيد والأهم بالعاصمة خصوصًا بعد أن تم شق الطريق البحري لها بدءًا من ميناء قابوس إلى بداية الطريق الداخلي الذي كان يربط مطرح من الداخل بمدينة مسقط وسط الجبال وكان بمنتهى الوعورة وكان أي متجه منه إلى مسقط أو قادم منها لابد أن يكون في منتهى الحيطة والحذر في حال وجود سيارة قادمة من الاتجاه الآخر لشدة ضيقه، تم إلغاؤه بعد تكملة شارع الكورنيش إلى مسقط، (لازال الطريق موجودا وإن كان مهجورا تماما أحرص على المرور عليه بعد كل فترة زمنية لأعيد ذكريات ما كنا وأصبحنا عليه وأحمد الله على ذلك).
كانت الحافلة تأخذنا بعد عصر كل يوم من مقر سكننا بملحق سكن مدرسة جابر بن زيد بالوطية طوال الأيام الثلاثة إلى مطرح للتجول في أحيائها وأزقتها الضيقة ونرجع بعد المغرب إلى حيث ثبت على الكورنيش تلفزيون على سارية نفترش الأرض أمامه للمشاهدة مع المشاهدين أو التجول بمطرح وسوقها والمحلات الجديدة التي افتتحت بعد إنشاء شارع الكورنيش، نتوجه بعدها إلى أكبر مطعم حينها في مطرح بجوار مركز الشرطة لتناول وجبة العشاء وكان مطعما هنديا مثل التي بدأ بعضها ينتشر عندنا في صلالة إلا أنه بالنسبة لنا كان بمنتهى الفخامة.
أدهشنا وجود عدد من المحلات في مطرح لم تكن موجودة عندنا كمحلات غسيل الملابس وأستوديوهات التصوير والمقاهي وغيرها، فلم يكن موجودا في صلالة آنذاك إلا محل تصوير واحد لغرض صور الجوازات ملحق ببيت البانيان بالحصن وغسال ملابس (دوبي) أيضاً يتبع للتاجر (البانيان).
ذهبنا في زيارة إلى ولاية سمائل بعد طلبنا ذلك لمشاهدة نخلة التمر الشقيقة لنخلة النارجيل اللتين اعتمدت عليهما كمصدري غذاء وبناء وحياه لا تنضب للتعرف عليها فقد كنَّا نتوقع أن نراها في كل مكان في مسقط كنخلة النارجيل لدينا ولكن للأسف لم نجدها وكنا أيضا نتوقع أن نجد انتشارا لمحلات الحلوى العمانية ولم نجد إلا محلا واحدا في مطرح.
الطريق إلى سمائل لم يكن مسفلتاً وتوجد نقاط تفتيش عسكرية، وقد استغربنا ذلك رغم أننا معتادين عليه عندنا للظروف المعروفة في تلك الفترة، إلا أنني أدركت بعد ذلك أن ثورة ما كان يسمى بتحرير عمان والخليج العربي والتي انبثقت من ظفار في منتصف الستينات وكان الصراع مع بقاياها ومناوشاتها لازال كان قد تم إلقاء القبض على بعض عناصرها كانوا بصدد القيام بعملية تخريب هناك
رجعنا إلى صلالة هذه المرة على متن طائرة ركاب عسكرية نفاثة بها مقاعد ثابتة ومريحة ومحملين بتجارب مفيدة.
بالرغم من أنني لم أواصل في الكشافة إلا أنه وعلى أيدي هذا الفريق الكشفي الأول للمحافظة نمت وانتشرت الحركة الكشفية في المحافظة والحمد لله.