إلى المرأة.. أكتبُ

 

مدرين المكتومية

النساء رحيق هذه الدنيا، هُنَّ الجانب المُبهِج في حياة البشر، هُنّ الخصوبة والنماء، هُنَّ الأناقة والجمال، هُنَّ العذوبة والجمال، ومهما أثنيتُ على المرأة فلن أوفّيها حقها، ليس فقط لكوني امرأة وأدركُ حتمًا دور النساء في الحياة، لكن أيضًا لأنَّ النساء جواهر متلألئة، يلمع بريقها كلما أُتيحت لها الفرصة كي تُبدع وتُنتج، وتزداد قيمتها بزيادة عطائها وجودها.. المرأة سر من أسرار هذا الكون.

لن أستأذن في أن أكتب للمرأة واحتفي بها، أو أبحث عن مُبررٍ أو مناسبة للحديث عنها، أعلم أنه ليس يوم المرأة ولا يوم الأم ولا أي يوم من هذه الأيام التي تُكرّس للاحتفاء بالنساء، فالمرأة لا يجب أن تحظى بالاهتمام في يومٍ واحدٍ وحسب، أو مُناسبة خاصة، ثم نتوقف عن الكلام حتى يحول الحول!

أكتبُ عن المرأة، لأننا نحتاج بشدة إلى من يُدرك بصدق حقيقة أدوارنا في هذا الكون، فنحن لسنا في مرتبة أقل من الرجل، ولسنا في الصف الثاني من الحياة، نحنُ شقائق الرجال، أي لنا ما لهم، وعلينا ما عليهم، ولم يُميز الخالق بين الرجل والمرأة في أي شيء، باستثناء أمور شرعية، تتعلق بطبيعة التكوين النفسي أو الجسماني لكل نوعٍ منَّا.

أكتبُ هُنا لكل امرأة شعرت ولو لمرة واحدة أنها يجب أن تواصل المسير مهما بلغت التحديات بها، وأن تُكمِل ما تطمح إليه دون توقف ودون اكتراث بالآخر الذي ربما يحقد عليها أو يمارس عنصرية بغيضة أو يتعامل بذكورية مقيتة. أكتبُ لأقول لها بكل بساطة كلمة واحدة ذات تأثير عميق، كوني "البطلة" لا ترضخي ولا تسمحي أن تسير حياتك كيفما يُريد أحدهم أن تسير، اختاري كل شيء بما يتناسب مع رغباتك وتطلعاتك وأهدافك، ففي نهاية المطاف جميعنا خلقنا لنعيش الحياة التي نريد، لا تلك التي يريدها الآخر أو يرسمها ويخططها لنا أحدهم، مهما كان نوعه، فأنا لستُ في موقف مُعارض للرجل، لكني في موقف مؤيد للمرأة ضد الرجل أو ضد المرأة!

أقول لمن تسعى لترك بصمتها في هذه الحياة، عيشي دور البطولة في قصتك، ولا تلعبي دور الضحية، ابتسمي للحياة، انسجمي مع كل شيء حولك، اصنعي من كل لحظة سعادة أبدية، حقّقِي ذاتك، وتنفسي النجاح، دعيهم يتحدثون عنك كما لو كنتِ أعجوبة العالم، فأنتِ تستحقين دائمًا أن يراك الجميع ماسة ثمينة مُضيئة، لا شبيه لكِ، ولا نظير يستطيع/ تستطيع أن يحل/ تحل مكانك.

يا أيتها المرأة عيشي الحياة بقاعدة "الاستحقاق" لتحصلي على كل ما تريدين، كل شيء في الحياة تريدينه استشعري أنك تستحقينه لتتمكني من الحصول عليه أو بما هو أفضل منه، اعملي لأجل أن يقف الكل أمامك احترامًا وتقديرًا لكل ما بذلته وتبذلينه، فإنْ كنتِ ربة بيتٍ، اجعلي من منزلك مكانًا آمنًا للعيش وليس ساحة حرب، واصنعي من مكان عملك محفلًا للإنجازات، وحاولي أن تصمدي أمام رياح الحياة العاتية، في مواجهة كل الإحباطات، ومن كل الأشخاص الذين يقفون عائقًا أمام مسار نجاحكِ.

أذكرُ ذات مرة أن قال لي أحد الأصدقاء: "المرأة حين تريد تستطيع، ولا يمكن أن يُوقفها أي شيء"، وعلق مؤكدًا: "لكن حين تريد ذلك". وهذا يدل على أن للمرأة قدراتها الكبيرة على تذليل الصعاب، وإيجاد الفرص، والبحث عن أكثر من طريق لتصل وتحقق أحلامها وأحلام كل من يعيشون بجانبها.

وعلى الرغم من أنني منذ البداية عاهدت نفسي على التَّحيز لتاء التأنيث، إلّا إنَّني أيضًا أتمنى منك عزيزي الرجل أن تدرك حجم الحِمل الذي تتكبده المرأة في حياتها، فهي تكافح لتصل وتحقق أهدافها، وكي تصنع من منزلك واحة غنّاء، ولأن تمثلك أمام المجتمع أفضل تمثيل، ولأن تكون قادرة على أن توفِّق بين مختلف مهامها ومسؤولياتها الحياتية.. المرأة تقدم كل شيء من باب الحُب، وليس من باب الواجب فقط، تسعى دائمًا لأن تكون المرأة الجميلة في عيون الآخرين، والمرأة التي لا يُمكن أن يجد شريكها الرجل مثلها، فهي بحاجة لاستثنائيتها دائمًا، وأن تسمع كلمات الثناء والإعجاب من شريكها ومن أبيها، ومن أخيها، ومن صديقها، ومن كل إنسان تتعامل معه بكل صدق وحب وإخلاص، إنها في نهاية المطاف لا يمكن أن تعيش دون مشاعرها مهما عظمت مهامها، ومن يمكنه أن يغذّيها سواك أنت يا آدم!

سيدتي العزيزة، أيتها المرأة في كل مكانٍ بهذا الكون الفسيح، لكِ مني كل الحُب والامتنان، كل التمنيات بالسعادة والفرحة، كل الدعوات لكِ ولنساء العالمين بالحياة الطيبة السعيدة الهانئة، وكلمتي الأخيرة لكِ: لا تتنازلي عن حقوقك، ولا تقبلي بأقل مما تتطلعين إليه.. فأنتِ لؤلؤة الحياة.