مجالس أولياء الأمور بين الماضي والحاضر

* منى أحمد فارح رير عمر الدارودي

ما بين الأمس واليوم تغيَّرت أدوار، وأثرت مجالس أولياء الأمور في المدارس في مسيرة التعليم لدى أبنائنا. وقد يكون ذلك لصورة ذهنية ليست واقعية أو صحيحة تكوَّنت لدى البعض عبر السنوات، عن أنها ليست فاعلة، وأن حضورها هو مجرد رقم يُسجل في السجلات، ويتخللها كثير من الأحاديث والملاحظات التربوية والسلوكية. وهذا ما يجب أن يتغيَّر، خصوصا في هذا العصر، وما به من متغيرات، تُلقي بظلالها على أبنائنا.

وعلى الرغم من أنَّ هذه الملتقيات لا تُعقد سوى مرتين في العام الدراسي، إلا أنَّ حضورها في أغلب الأحيان لا يرتقي لمستوى طموح إدارات المدارس وطاقمها، ولا لتلك الخطط والرؤى الطموحة التي تُعقد على حضور ولي الأمر وجلوسه مع الهيئة التدريسية، وتعرفه على برامج المدرسة ونجاحاتها، ومستويات التحصيل الدراسي لأبنائهم، من كان لديه المعرفة والوعي الكافي بأهمية الحضور، وأن يكون رقما موجبا يُضيف لعمليات المدرسة، ويسهم في تكوين مخرجات ونتائج ترتقي لمستوى طموحه كولي أمر ويأخذ بيد رؤى وغايات التعليم.

وفي ظل ما يشهده العالم من تطوُّر سريع، وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي بخيرها وشرها، آن لأن يكون لمجالس أولياء الأمور كلمة الفصل لتكون هي نواة الفلترة المجتمعية، وبوصلة التوجيه نحو التربية والتنشئة الصحيحة لأبنائنا بالشراكة مع المدارس؛ فالمدرسة ليست فقط مصنعًا لتهيئة عقول الأبناء وشحذها بالعلم النافع، وإنما هي شريك في التربية والتوجيه نحو الخلق الرفيع، ومكارم الأخلاق التي ننشدها في تربيتنا لأبنائنا.

فلماذا نترك أبناءنا ليكونوا تابعين لمستجدات العصر الحديث بدون رقابة، بدلا من أن نُهيئهم ليكونوا فاعلين، ومنتجين، ومبتكرين. ولماذا نبتعد عنهم ولا نكون أقرب إليهم من حبل الوريد وننجرف نحو انشغالاتنا التي قد تأخذنا بعيدا عنهم وعن نشأتهم، وتكون سدًّا بيننا وبين ما يمرون ويتأثرون به؟ لماذا لا تكون هناك حوارات ولقاءات وتساؤلات كثيره واقعية وملحة في عصرنا الحالي.

ومن هذا المنبر، فإني أوجه رسالتي لأولياء الأمور بضرورة التواصل مع المدرسة، والاستماع لأصوات الهيئتين الإدارية والتدريسية؛ فتلك المشاغل التي قد تبعدك عن المتابعه وترى في حضورك للمدرسة وملتقياتها عبئًا، قد تكون عواقبها وخيمة، وتتدحرج مثل كرات الجليد، وتتزايد لدى البعض بين مشكلات متعددة؛ منها: التشتت الأسري، ولعل غياب دور الأسرة وعدم التواصل مع المدرسة قد يجعلهم يغفلون عن مشكلات نفسية تخالج نفوس أبنائنا، تكونت عبر السنين وأيقظها الإهمال الأسري.

إنَّني أؤمن بأنَّ الحوار الأسري والصداقة مع الأبناء تمد جسورا من الثقة المطلوبة، وتسهم في إيجاد آفاق من الحوار مع الأبناء؛ فكيف يكون ابني أو ابنتي يافعين بشخصية سوية وأنا لا أحاورهم ولا أناقشهم ولا أتابعهم، بل أتركهم رهينة لأصدقاء لا أعلم عنهم شيئا، وتحت رحمة وسائل التواصل الاجتماعي.

إنها مسؤولية جسيمة وعظيمة، وليست بالصعبة ولا بالسهلة، لكنها واجبة، أن نقترب ونستمع ونعي ونفهم ما يُخالج خواطرهم. إن مجالس أولياء الأمور كتابٌ مفتوح ومنبر تنويري مهم، وُجِدت من أجل الأب والأم، فإنْ كنت ترغب في الحل والتصحيح والتوجيه، فحضورك للملتقيات التربوية والاجتماعات نصف الحل.

عزيزي ولي الأمر...،

لا نطلب منك الكثير؛ فقط: النقاش، التشاور، الحضور، والبحث عن حلول. لسنا مجتمعا أفلاطونيا في مدن فاضلة، لكننا وُجِدنا من أجل البناء والتعمير، ولا يكون ذلك إلا بالشراكة وتحمل المسؤولية.

نحن في عصر متغيرات وصراع الحداثة، فكيف نحمي أبناءنا وقيمنا وعاداتنا، وكيف نوجه سلوكهم بدون شراكة فاعلة وحقيقية مع المدرسة، في ظل عزوف البعض عن الاستماع والمتابعة في المدرسة!!!

عزيزي ولي الأمر...،

هو نداء مُلح للجميع، أصبح من الضروري أن نصحح المسارات؛ من خلال مجالس أولياء الأمور: (استمع، ناقش، فكر)، واعرف ما يدور في عالم مدارسنا من سلوكيات ومتغيرات وتأثيرات.

أبا كنتَ أو أمًّا، عليكم أن تدركوا حجم الأمانة التي جمعكم الله تعالى لتصونوها؟!

* رئيسة مجلس أولياء الأمور ببمدرسة أرض اللبان، ولاية صلالة، محافظة ظفار

تعليق عبر الفيس بوك