عندما تصبح السوشيال ميديا الحالية "موضة قديمة"!

مؤيد الزعبي

هل تخيلت من قبل أن تُصبح وسائل التواصل الاجتماعي الحالية والتي تستخدمها كل يوم في حياتك موضة قديمة؟! أو أن يقال إن الوسيلة الفلانية مثل فيسبوك أو تويتر أو حتى انستجرام وتيك توك باتت "موضة قديمة"، ويحصل بها ما حصل بمنصات كنَّا نستخدمها قبل سنوات في التواصل والدردشة واليوم نكاد نذكرها أو نتذكر شعاراتها، وهل تخيلت أن يأتي اليوم الذي يقول فيه أولادك أو الجيل الجديد بأنه كان هناك وسائل تواصل اجتماعي ماتت واندثرت؟ أعتقد بأنك لم تتخيل بعد، فلنتخيل سويًا!

التطور الحاصل في وسائل التواصل لا يكفي ليلبي احتياجاتنا المستقبلية، وأجد أن وسائل التواصل الاجتماعي الحالية سوف تموت مستقبلًا لسببين اثنين؛ الأول: أن عناصر الاتصال التي نحتاجها كبشر غير متوفرة بشكل كامل في هذه المنصات فنحن بحاجة لتواصل حسي وفكري بشكل أعمق. والسبب الآخر أن التكنولوجيا القادمة تكنولوجيا ثورية ستغير معها شكل الاتصال بين البشر ولهذا ستظهر لنا منصات ووسائل جديدة أكثر تطورًا وتتماشى مع ما يُستحدث من تطورات في الاتصالات والتكنولوجيا.

التطورات المستقبلية لن تكون معتمدة على الاتصال المرئي؛ سواء عرض الصور والفيديوهات أو النصوص أو الاتصال السمعي، سواء الموسيقى أو الأصوات بمختلف أنواعها وأشكالها، لكن سيحدث تطور في تجسيد الشخصيات أمامنا أو ظهورها من خلال طيف ضوئي أو ما يعرف بالهولوجرام أو حتى من خلال تقنيات الواقع المعزز أو الافتراضي أو حتى بناء عوالم "الميتافيرس"، وهذه التطورات ستفرض علينا منصات جديدة للتواصل وحينها ستصبح وسائل التواصل الاجتماعي الحالية فعلًا موضة قديمة خصوصًا وأن جميع المعطيات تقول إن الإنسان بحاجة للتواصل بجميع حواسه وأحاسيسه ولا يكتفي بالاتصال المرئي أو السمعي فقط ولهذا شركات التكنولوجيا شغلها الشاغل أن تحل هذه الإشكالية أو إيجاد أقرب صورة أو تصور لما يريده الإنسان ويحتاجه.

عندما نتحدث عن المستقبل والتطورات التي سنجدها في المستقبل فنحن نتحدث عن محاولات نقل تجارب حسية جديدة للمشاهدين مثل نقل مشاعرهم وأفكارهم، ومسألة التخاطر بين البشر مسألة معقدة يحاول الباحثون والمطورون استخدام كل ما يمكن للوصول لدرجة عالية من التواصل العقلي بين البشر، وهذا ما يحملنا أن نقول إنَّ وسائل التواصل الحالية بتطوراتها الحالية لا يمكنها أن تواكب التطور الكبير الذي سنجده في المستقبل، فعندما نجد تكنولوجيا قائمة على الاتصال من هذا النوع فشكل وطريقة التواصل سيتغير.

في المستقبل، قد تُزرع بعض المجسات أو بعض الأدوات في أجسامنا وتكون هي مفتاحنا أو وسيلتنا للتواصل أو نقل أفكارنا أو مشاعرنا أو حتى آرائنا والطرف الأخر قادر على تلقي هذه الرسائل جميعها فلديه ما يمكنه تحويل هذه الرسائل لمشاعر من نوع ما، وتخيل كيف ستكون منصات التواصل الاجتماعي في ظل هذه التطورات جميعها، حينها لن تكتب أو تصور أو تقول لتعبر عن نفسك بل سيكون الأمر أعمق وأكبر.

على سبيل المثال.. عندما ظهرت منصة "تيك توك" والتي تعتمد بشكل أساسي على التواصل عبر الفيديو، أوجدت لنا مساحة جديدة من التواصل رغم أن المنصات الأخرى كانت توفر لنا هذا النوع من التواصل، ولكن لا تركز عليه بشكل كامل، وبعد ظهور هذا النوع من التواصل بدأت جميع المنصات بالتركيز على محتوى الفيديو سواء القصير أو الطويل، وتبدلت مع هذا التطور العديد من الاتجاهات سواء في الاستخدام الشخصي أو من قبل المؤسسات والشركات، وهذا يثبت أن أي تطور قادم سواء في التكنولوجيا المستخدمة أو في شكل المحتوى وطبيعته فسيتحول المستخدمون ليلحقوا بهذا التطور أو التغيير.

قد نتخوف من المستقبل كثيرًا، خصوصًا وأننا اليوم نعاني من دخول وسائل التواصل جميع مناحي حياتنا وبالتالي ورغم أنها وسيلة جيدة للاتصال والتواصل، إلا أنها أوجدت لنا الكثير من المشاكل وعقدت حياتنا بشكل كبير فما بالك والاتصال المستقبلي بين البشر سيكون عن طريق العقول أو تصوير ما هو غير موجود فعليًا ليكون هو عالمك الافتراضي الذي تعيش بداخله، وحتى عالمك الواقعي سيكون متغير وفيه من هذه التطورات الكثير والتي ستعقد بشكل ما حياتنا بشكل أكبر وأكبر ورغم ذلك سنجدها حاصلة فهناك جيوش من المطورين ومن العلماء يعملون بشكل مكثف لبناء عوالم افتراضية موازية سنكون جزءا منها وسنختار في أي عالم نعيش وفي أي عالم نتواجد.

تواصلنا المستقبلي سينقل لنا الكثير من الرسائل بمستويات أعمق بكثير مما نحن عليه الآن، وإذا كنا اليوم ننقل تفاصيل حياتنا ويومياتنا عبر ستوريهات أو صور أو فيديوهات ففي المستقبل سننقل أحاسيسنا ومشاعرنا وأفكارنا وما نفكر فيه ونتطلع إليه، حينها ستخترقنا وسائل التواصل الاجتماعي بشكل أكبر وأعمق، وما نجده اليوم من وسائل ومنصات وكيف هي متداخلة في حياتنا، سيصبح أمرًا بسيطًا مع تعقيدات المستقبل وما يحمله من تغييرات جذرية في هذا الأمر.