العيد الوطني.. ووقفة تأمل وأمل

 

سالم بن نجيم البادي

اقتبستُ عنوان هذا المقال من خطاب الراحل العزيز السلطان قابوس بن سعيد- رحمه الله- بمُناسبة العيد الوطني عام 1972، والذي جاء فيه "يا أبناء عُمان.. اليوم الثامن عشر من نوفمبر هو العيد الوطني لبلادنا، والأعياد الوطنية للأمم رمز وعزة وكرامة. ووقفة تأمل وأمل للماضي والمستقبل ماذا فعلنا؟ وماذا سنفعل؟ وليست المهرجانات والاحتفالات والأفراح سوى نقطة استراحة والتقاط الأنفاس لمواصلة رحلة البناء الشاقة والانطلاق بالبلاد نحو الهدف المنشود".

في العيد الوطني نشعر بالعزة والكرامة ويتعمق حب الوطن في النفوس ويزدهر الأمل بغد أكثر إشراقا وجمالا، وليسأل كل مواطن منَّا نفسه ماذا قدم لهذا الوطن عوضا عن الاتهام المستمر للجهات الحكومية بالتقصير. إنها وقفة محاسبة للنفس قبل محاسبة الآخرين، لكن هذا لا يعني أن علينا الصمت حين نرى الأخطاء والتقصير أو الإهمال أو وضع العراقيل أمام كل من يريد خوض غمار العمل الحر وحين يتم تحميل المواطن ما لا يطيق من الأعباء، ولا يُعطى حقوقه كاملة، وإذا تكالبت عليه الهموم ولم يجد من يعينه على نوائب الدهر ويسعى لتفريج همه وتوفير سبل العيش الكريم له.

إن رسم صورة وردية للأوضاع لا يؤدي إلى التطوير والتقدم، وإن على الجهات المختصة والتي تملك سن الأنظمة أن تسهل الإجراءات وتخفف من الضرائب وتحارب الروتين وأن تسعى إلى كبح جماح ارتفاع الأسعار الذي قصم ظهر الناس، مع الأمل بزيادة الرواتب ومعاشات التقاعد ورواتب فئات الضمان الاجتماعي، والنظر بعين العطف إلى أصحاب الدخل المحدود والأسر الفقيرة في المجتمع، وتسريع عملية توظيف الشباب وغلق ملف الترقيات المتأخرة والكثير من القضايا التي ينتعش الأمل في حلها كلما جاء العيد الوطني.

إن من حب الوطن وجود من يسمي الأشياء بمسمياتها دون مواربة أو مجاملة، كما إن من حب الوطن الجهر بالنقد البناء ومحاولة تصحيح الأخطاء، ولو بالكلمة الصادقة المخلصة النابعة من القلب، والتي لا يُراد منها غير مصلحة المواطن والوطن. وفي المقابل، فإن إدمان نشر السلبية والقنوط وجلد الذات الدائم والشكوى والمقارنة بدول أخرى مع اختلاف ظروف وأحوال كل دولة عن الأخرى، فذلك غير جائز في حق الوطن، وله تبعات سلبية كثيرة على الوطن والمواطنين، الذين قد يشعر بعضهم بمشاعر سلبية للغاية، مع استمرار جلد الذات والمقارنات الظالمة بالآخرين.

يحق لنا أن نفتخر ونعتز بهذا الوطن العريق البلد الرائع بكل مكوناته من البشر والطبيعة والثروات والتضاريس والجغرافيا والتاريخ. وفي العيد الوطني نريد أن نفرح ونبتهج ونحتفل بالوطن الحبيب ونفتخر بالإنجازات التي تحققت، وأن عجلة النهضة مازالت تدور في عهد صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق- حفظه الله- وأن ثقتنا في قيادته الحكيمة لا حدود لها، وأنه يقود سفينة الوطن نحو الهدف المنشود، وأننا نعيش في أمن وأمان وسلام واستقرار، وأنه يوجد ما يستحق الفرح والاحتفال، ونحن بخير وفي نعم كثيرة، أهمها هذا الوطن المعطاء الذي يحتوينا جميعًا بدفء وحب وأُلفة وانسجام.