الوطن.. حياة

 

فاطمة هبيس الكثيرية

في غمرة إنشغالي بأعمالي أتاني شخص يومًا إلى مقر عملي ترتسم على وجهه علامات الخجل يمشي بخطوات ثقيلة خطوة للأمام وخطوة أخرى تجذبه للخلف.

وبدأ يتصبب عرقًا كمداد يسطر همًّا عميقًا في طيات هذا الزائر شعرت بأنَّ لديه مشكلة ما. شجعته للتحدث تفضل يا أخي. نظر إليَّ في تردد بعين ملؤها الانكسار ثم قال أنا أمر بمشكلة وأتيت هنا لعلي أجد من يُساعدني ثم سكت. قلت له أكمل يا أخي بماذا يمكنني مساعدتك؟ما هي مشكلتك؟

قال: كنت اشتغل في وكالة سيارات معروفة ولكنهم استغنوا عن خدماتي بسبب الجائحة التي مرت بها البلاد مثل كثير من موظفي القطاع الخاص. ومن حينها وأنا أدور في حلقة مفرغة لا أدري ماذا أفعل؟

وأنا المُعيل الوحيد لأسرتي التي تتكون من والدتي وزوجتي وأبنائي الصغار نسكن في شقة بالإيجار تراكم عليَّ الإيجار وفاتورة الكهرباء والماء بالإضافة إلى مستلزمات البيت كالأكل والشرب وغيرها من ضروريات الحياة تمر الأيام ثقيلة باردة كبرد الشتاء وخاصة بعد أن توعد صاحب البيت بطردنا إذا لم أدفع الإيجارات المتراكمة.

رجعت للشركة وعندي بصيص من الأمل طالباً منهم إرجاعي لعملي ولكن كنت كمن ينفخ في الرماد. لم أعد أطيق الرجوع للبيت. نظرات أبنائي لي كالسهام، إحساسي بالعجز عن توفير أقل احتياجاتهم يشعرني بأني رب أسرة لا قيمة له لا أستحق كلمة أبي. أخبرني البعض باللجوء للجمعيات الخيرية، وفعلا ذهبت إلى اثنتين منها وكلهم قالوا انتظر دورك واترك اسمك ورقم جوالك سنتصل بك لاحقًا هناك غيرك قد سبقك. وانتظرت ولم يأتِ جواب إلى الآن إلى متى سأنتظر؟

هناك حالات أخرى تتشابه مع قصة هذا الرجل. وبما أننا مقبلون على العيد الوطني الثاني والخمسين المجيد الذي نسأل الله أن يعيده على وطننا الحبيب بالأمن والسلام والرخاء، نرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات والعرفان للمقام السامي مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق أدام الله عزه وسلطانه.

وبما أننا نعيش على أرض الخير والطيبات فإننا نتطلع إلى إيجاد حلول سريعة وبناءة لأبناء هذا الوطن المعطاء بما يتناسب مع رؤية "عمان 2040" بما يثلج صدورهم لخدمة وطنهم ويحقق تطلعاتهم؛ فالوطن هو كل الحياة، وترابه أغلى من كنوز الدنيا كلها ومن ترابه نستطيع إخراج الكنوز التي تجعلنا نعيش برخاء فلو تم توزيع أراضٍ زراعية على العاطلين عن العمل بشرط أن يعملوا فيها لكفى ذلك احتياج السوق المحلي من الحبوب والخضار والفاكهة وصدرنا للخارج أيضا.

وبالتالي عمَّ الرخاء الاقتصادي على بلادنا؛ فبلادنا معظمها أراضٍ زراعية وبها مياه جوفية بكميات كبيرة.

أيضا لو تم دعم الصيادين وتم توزيع قوارب صيد مثلا على العاطلين عن العمل ممن لديهم مهارة الصيد وتسويق وتصدير منتجاتهم لكان ذلك حلا آخر خاصة وأن بلادنا تحتوي على أفضل أنواع الأسماك البحرية وبكميات وفيرة وأنواع عديدة.

أيضاً لو تمَّ بناء محلات وتوزيعها على العاطلين عن العمل ممن لديه فن التجارة كدعم من الحكومة لمدة خمس سنوات بدون إيجار حتى يتمكن الشاب من مشروعه، ومن ثم  يعطي إيجارا مناسبا للحكومة بعد إتمام المدة المجانية وإذا لم يثبت جدارته خلال خمس سنوات يتم سحب المحل منه وإعطاؤه شخص آخر.

هذا فيض من غيث وبعض الحلول التي اعتقد أنها قد تكون ذات فائدة من ناحية استغلال هذه الطاقات الشبابية ومن ناحية الاكتفاء الغذائي لبلادنا. وكل عام وجميع مع على هذه الأرض الطيبة ينعم بنعمة الأمن والأمان والرخاء.

تعليق عبر الفيس بوك