إطلالات نوفمبرية

حاتم الطائي

يظل شهر نوفمبر المجيد يُمثل فرحة وطنية تمتد من شمال عُمان لجنوبها، حاملًا الخير والسلام والنماء، فهو الشهر الذي وُلد فيه أعزَّ الرجال وأنقاهم، السُّلطان قابوس بن سعيد، الرجل الذي وهب نفسه وعمره لعُمان وأهلها، فتحقق له ولهم ما كان يتطلع إليه، وما كانوا يحلمون به، وازدهرت عُمان، فتألقت كلؤلؤة بين الدول، واستعادت مكانتها التاريخية، دولة ذات تاريخ عريق ضارب في عمق الحضارة الإنسانية.

وها نحن في نوفمبر 2022، وللمرة الثالثة على التوالي نحتفلُ بعيدنا الوطني تحت القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- الذي يقود وطننا نحو مرافئ الازدهار والتقدم، والتعافي من تبعات الأزمات التي مرَّت بها عُمان والعالم، وقد تحقق لعُمان بفضل التوجيهات الحكيمة لجلالته الكثير من الاستقرار شهدت به المؤسسات الدولية، وشعر به المواطن في مختلف القطاعات، رغم استمرار بعض التحديات.

في نوفمبر المجيد، تتعاظم الفرحة الوطنية في نفس كل مواطن ومواطنة، يشعرون بالتميز والفخر لانتمائهم لهذا الوطن العزيز المعطاء، الذي يحيا أهله في سكنية واطمئنان، في قلب منطقة تعتصرها الأزمات والصراعات والحروب، وفي ظل اقتصادات عالمية تواجه خطر الانهيار، وحروب طويلة لا يبدو أنها تقترب من وضع أوزارها.. يحيا المواطن العُماني في بيته مُستقرًا، يجد الطعام والشراب، وينعم بالخدمات التي توفرها الدولة، يذهب أبناؤه إلى المدرسة لتلقي التعليم على أيدي مُعلمين عُمانيين أثبتوا جدارتهم وتفوقهم في مهنتهم. ورغم أننا ما زلنا نُواجه الكثير من التحديات من أجل الارتقاء بالخدمات في مختلف القطاعات، إلا أننا نتسلح بالعزيمة على اتخاذ الخطوات الصحيحة، والإيمان بقدرتنا على مُجابهة الصعاب، مُستشعرين المسؤولية للقيام بما يحتمه علينا الواجب، خدمةً للوطن، وولاءً للسلطان المُفدى.

الوطن ليس مُجرد بيت نعيش فيه، ولا وظيفة نقوم بها من أجل الحصول على راتب آخر الشهر، ولا مشروعًا استثماريًا يُدر علينا عوائد وأرباحاً، لكن الوطن هو كل ما يُحيط بنا من نِعم وما نشعر به في سويداء قلوبنا من مشاعر حب خالص لا مصلحة فيه لنهضة البلد في كل مجال، والوطنية شعورٌ صافٍ في النفس يبعث على الطمأنينة، وتُحرِّكه مشاعر الغيرة على تقدم الوطن وازدهاره. كما إنَّ حب الوطن ممارسة تتعدى القشعريرة التي تنتابنا حين نسمع موسيقى السلام السلطاني أو نُردد كلماته الخالدة، إنه الإحساس العميق بأنَّ كل ذرة من تراب هذه الأرض العامرة تستحق الفداء والبذل والعطاء، وكل مواطن ومواطنة هم أثمن وأغلى ما يملكه الوطن، لأنهم الغاية التي من أجلها تعمل مؤسسات الدولة العامة والخاصة من أجل رفعتهم وتنمية سُبُل معيشتهم والارتقاء بحياتهم نحو الأفضل والأسمى.

إننا ومع بدء العد التنازلي للعيد الوطني الثاني والخمسين المجيد للنهضة، نستطيع أن نتلمس كل مُنجز على أرض الواقع، وكل مشروع بنته السواعد الوطنية المُخلصة، وكل صرح شيدته الإرادة الصادقة لبناء وطن يسمو نحو العلا. ولعل أهم ما يُميز العيد الوطني هذا العام، أنه يشهد لأول مرة إقامة العرض العسكري السنوي في صلالة في ظل العهد الزاهر لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- أيده الله.

ويبقى القول.. إنَّ عُمان تسكن قلب كل مواطن ومواطنة، لأنها الأرض المباركة بحكمة سلطانها، وطيبة أهلها، وجمال موقعها، وطول شواطئها، وعلو جبالها الشامخة، وجريان أوديتها العذبة المتلألئة تحت ضياء الشمس الساطعة، المُعطرّة بلُبانها وبخورها الفريد، إنها عُمان الأصالة والحضارة والنبوغ.. فكل عام والجميع في مسرة وسعادة، وكل عام ووطنا يرنو في سماء العزة والكبرياء، كل نوفمبر وسلطاننا المفدى يرفل في ثوب الإباء والشموخ.