المعتصم البوسعيدي
منذ أيام مضت أُطلق "هاشتاج" بعنوان "أنا عربي، أنا أدعم قطر" في مواقعِ التواصل الاجتماعي وأصبحَ "ترند" يتضامن ويدعم استضافة الشقيقة قطر للمونديال العالمي خلال الشهر الجاري، وذلك بعد حملات التشويه المُمنهجة التي أفصحَ عنها -صراحة- صاحب السُّمو الأمير تميم بن حمد أمير دولة قطر، وذكر فيها -بما معناه- أنهم تقبلوها في البداية عن حُسنِ نية، لكن ما لبثوا أن اكتشفوا "ما وراء الأكمة"، وحتى المُتابع البسيط يرى اليوم -والأمس- بأنَّ التصريحات تخرج جهرًا وعلانيةً "وعلى عينك يا تاجر".
إنَّ المنطق الغربي باتَ في "مهبِ الريح" وميزان قواه تؤرجحه المواقف والأحداث، ومعايير قيمه هي مصالح "حد وحد"، وإذا ما تبعثرت هذه المصالح تبعثروا وهاموا "لا يلوون على شيء" تفضح ألسنتهم ما تخفيه قلوبهم من عنصرية مقيتة. ولا شك أن الرياضة سلاح جماهيري فعال وورقة رابحة لتمريرِ الأجندة تحت ذرائع شتى وأسباب "ما أنزل الله بها من سلطان"، وتلكم الحقيقة المكتوبة على الرمال، ولكن هيهات هيهات "بنيت في الرمل بيتي وكم تخون الرمال!".
أنا عربي أقولها ليس لكون قطر دولة عربية فقط؛ بل لتغيير تلكَ النظرة القاصرة للعرب بقصرِ طموحاتنا التي حجمناها يومًا بعد يوم، وقد حان ظهور "ماردنا" مُحقق الآمال. أنا أدعم قطر ليس لانتمائي العربي فقط؛ بل ليرتفع صوت العالم الآخر الذي يُراد له أن يكون في الظل، وهو العالم الذي يستطيع أن يكون النبض وحقيقته المُجردة من الأوهام. أنا عربي وأنا أدعم قطر، ولتُشرِقَ الشمس من "رأس الحدِ" وحتى آخر بقاع الكون؛ ليرى العالم نور "لؤلؤة المجد وكعبة المضيوم" وقدرتها على منح الأرض شعاع الفرح والسعادة وتبديدها لحلكة الليالي وعتمة الأيام.
لقد اختلط دمنا العربي بدماءِ بعض، وتشتتنا حتى أصبحنا دولاً مفرقة لا أمة واحدة، ووضعنا أصابعنا في أذاننا حذر الألفة والمحبة ونشر الخير والمعرفة، وأشحنا بصيرتنا عمَّا يجمعنا، وأمسكنا بتلابيبِ حقدنا لنقود انتصاراتنا المزيفة على بعض، ومتى ما جاء المطر لبلادِ أخ لنا، قلنا نحن يا الله أفضل وأحسن عملا، وشيئًا فشيئا جرفتنا التياراتِ لنتبع لقيمهم التي تروج للمثلية والنسوية وغيرها، والكيل بمكيالين أحدهما "إرهاب" فلسطيني والآخر "مقاومة" أوكرانية، ولتتجمع البشرية على كلِمتهم -السيئة- السواء.
إنني أُكبرُ في قطر مقاومتها لكل صنوف التشويه والتشكيك رغم ما تُقدمه من براهين ودلائل على فكرِها وتعملقها على مُدعي التقدم والتحضر في المجتمع الدولي والرياضي في آن؛ فقد شاهدنا العنصرية في ملاعبهم، والتنظيم السيئ في عقر دارهم، وبذاءة القول والفعل من ألسنتهم وسلوكهم، ثم يخرج من ظهرانيهم "أفلاطون" مدينتهم الفاضلة التي تراكمت فضلاتها واشتم رائحتها الكريهة حتى أزكمت الأنوف، ليعلمنا درس التحضر، "فصه صه" يا هذا فذلكَ حساب "طويناه كما يطوى الكتاب" ونحن العرب وكل أحرار العالم ندعم قطر، وللحكايةِ بقية "وإنَّ غدًا لناظره قريب".