أحمد بن موسى البلوشي
ينص قانون نيوتن الثالث على أنَّ "لكل فعل ردة فعل مساوية له في المقدار ومضادة له في الاتجاه"، وهو قانون صحيح من الناحية الفيزيائية العلمية، لكن هل تبادر لنا يومًا مدى تطابق هذا القانون ومجريات الحياة التي نعيشها؟ وهل لهذه الردود من الأفعال تأثير علينا وعلى الآخرين؟ وهل يجب أن تكون لدينا ردة فعل لكل موقف في الحياة؟
نقابل يوميًا شخصيات مختلفة من البشر ونتعامل معها، ونصادف ونشاهد مواقف حياتية متعددة، سواء كانت هذه المواقف تصادفنا نحن شخصيًا أو نشاهدها أمامنا مع الآخرين، ونقرأ تغريدات وأخبار ووجهات نظر بوسائل التواصل الاجتماعي حول الكثير من المواضيع التي تُطرح، ولكل هذه المواقف سواء كانت تصادفنا على مستوى الأسرة، أم الأصدقاء، أم زملاء العمل والدراسة، أم مع العالم الافتراضي وغيرهم؛ تصدر منَّا ردود أفعال اتجاهها، ردود هذه الأفعال في أغلب الأحيان تكشف للآخرين من أنت وما هي السلوكيات التي تتحلى بها، وتعطي نبذة مختصرة عن شخصيتك للجمهور.
لعلم النفس دور كبير في التعريف بشخصيات وتصرفات البشر وتفسيرها، وذلك من خلال الردود التي تصدر منهم اتجاه الأفعال والمواقف، ردود الأفعال تتكون لدى الفرد من خلال عدة عوامل: المحيط الذي يعيش فيه؛ والمقصود هنا دائرة التعامل والعلاقات مع الآخرين، والمواقف التي يتعرض لها في حياته، والوقت، وتربية الوالدين، فمن خلال هذه العوامل تتكون شخصية الإنسان في ردود أفعاله على المواقف التي يصادفها، وربما يكون للوالدين دور كبير في ذلك فهما المسؤولان منذ الصغر عن تربية الأطفال لتكوين ردة الفعل للمواقف المختلفة. فردود الفعل أحيانًا تكون مباشرة أو فورية، وأحيانا تكون متأنية، وجميعها مرتبط بالعوامل التي ذُكرت سابقًا، فردة الفعل الفورية في أغلب المواقف تتميز بعدم التفكير؛ على عكس ردة الفعل المتأنية، فالوقت الكافي لردة الفعل يُعطيك فرصة للتفكير والبحث عن الحقيقة قبل صدور ردة فعلك. وفي كثير من الأحيان تختلف ردود أفعالنا تجاه المواقف والظروف المختلفة بناءً على مقدار المحبة التي تسكن قلوبنا، ومدى تعاملنا وقربنا أو بعدنا عن الآخرين، وتشير أغلب التجارب إلى أن ردة الفعل السيئة ناتجة عن شعور هو في الأصل سيئ، فمثلًا عندما يكون الشخص غير مجيد في عمله مُقارنة بزملائه، وربما يتعرض في كثير من الأحيان للانتقاد، تجده دائمًا ينتقد الأشخاص المجيدين، ينتقص منهم ومن أعمالهم، ليوهم نفسه بأنَّه متميز ومجيد في عمله، ويمكننا أن نقيس بناءً على ذلك الكثير من الأمور.
إنَّ كل شخص منا يتعرض وبصورة دورية للكثير من المواقف التي تتطلب منه ردود أفعال، وكل شخص كذلك يتحمل مسؤولية هذه الردود، ولكيلا تشعر بالندم على ردود أفعالك تجاه أيٍ من هذه المواقف، يجب عليك أن تفكر وتقييم الوضع قبل أن تصدر منك ردة فعل تندم عليها أو ربما تحاسب عليها، ولا تصدر حكمًا على شخص لمجرد أنك سمعت عنه، فردة الفعل هنا ليس لها أساس من الصحة.
