د. بدرية بنت ناصر الوهيبية **
المرأة العمانية صانعة الأجيال وشمس عمان ومستقبلها، وشريكة في التنمية ومحورها وزادها، وكون المرأة العمانية تشكل 50% من المجتمع العماني، كان الاهتمام بتمكينها من قبل القائد المفدى حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق- حفظه الله ورعاه- اقتصاديًا واجتماعيًا وحماية حقوقها، وتوسيع الفرص أمامها في مختلف المجالات من منطلق تنفيذ مبادئ العدالة الاجتماعية للأسرة العمانية.
ووفق ما جاء في النّظام الأساسي للدولة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (6/ 2021): في تعزيز حماية الأسرة ورعاية أفرادها بتوفير العيش الكريم والتمتع برفاه اجتماعي يشمل الجميع، وإعداد السياسات الاجتماعية المناسبة لها استنادًا إلى المادة (15) التي نصت على أن "الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وتعمل الدولة على تماسكها واستقرارها وترسيخ قيمها، وتكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل، وتلتزم برعاية الطفل، والأشخاص ذوي الإعاقة والشباب والنشء، وذلك على النحو الذي يبينه القانون". وأشار جلالة السلطان- حفظه الله ورعاه- إلى تلك المبادئ في أكثر من مناسبة، وأكد أنّ المرأة شريكة الرجل في تحقيق تنمية الوطن، إضافة إلى تكريم المرأة العمانية بتخصيص يوم لها تحتفي فيه كل عام بإنجازاتها الوطنية وما وصلت إليه من تقدم في مختلف القطاعات.
ومما لا شك فيه وكون السلطنة تتمتع بمساحات زراعية وساحلية استطاعت المرأة العمانية استثمار وتوظيف البيئة المحيطة لتنسج منها موارد رزقها وسبل استدامتها، برزت الكثير من الصناعات الثقافية والمنتجات والحرف الوطنية التي صاغتها بأناملها الناعمة، لتؤدي دورًا فاعلًا في تعزيز الإنتاج الزراعي والحيواني والسمكي؛ حيث تعمل في تربية الدواجن والأبقار، وصناعة الألبان، وتربية الماعز، والضأن، وغزل الصوف، وصناعة الجلود، وتربية خلايا نحل العسل، والزراعة والري والحصاد والفرز، والتخزين والتصنيع الغذائي، مثل: صناعة المخللات والمربى، وماء الورد، والدبس، وصناعة السعفيات، واستخلاص الأدوية من الأعشاب واستخلاص الزيت، وتصنيع منتجات الثروة البحرية وغيرها من الأنشطة الإنتاجية، وخصصت وزارة الزراعة والثروة السمكية أقسامًا في المديريات العامة للثروة الزراعية والحيوانية والسمكية بمحافظات السلطنة، هدفها تقديم برامج تعنى بتمكين المرأة وتدريبها، ودعمها، في العمل الزراعي، والحيواني، والمشغولات الحرفية، والسعي لإبراز دورها الإنتاجي، وتعزيز مشاركتها في المهرجانات السنوية لترويج العسل والتمور العمانية، ودعمها في تجهيز وتعبئة وتغليف التمور، وتوفير الأدوات والآلات وغيرها من الخدمات تقديرًا لدورها في تحقيق الأمن الغذائي، فضلًا عن تحفيز الشراكات لصالح المرأة مع القطاع الخاص والقطاع الأهلي، فنفذت برامج منها التي تعنى بإنشاء عيادات بيطرية متنقلة لمشروع القرى النموذجية التي تشرف عليها أكثر من 25 امرأة ريفية في محافظات الظاهرة والباطنة، إضافة إلى توقيع اتفاقيات بشأن إيجاد هوية مستقلة دائمة لمنتجات المرأة العمانية ذات هوية تجارية، وتصدير 20% من هذه المنتجات إلى خارج السلطنة، و80% يتم تسويقها على مستوى السوق المحلي.
وقدمت وزارة التنمية الاجتماعية كذلك برامج تمكين خاصة للمرأة الريفية، وبلغ عدد مراكز تنمية المرأة التي تشرف عليها أربعة مراكز انتسبت إليها 265 عضوة حتى عام 2021، إضافة إلى دور جمعيات المرأة العمانية التي بلغت 65 جمعية، والجمعيات الأهلية الأخرى في التدريب والإنتاج والتسويق لمشروعات المرأة العمانية.
كما خصص صندوق الرفد (سابقًا) للمرأة برنامجًا تمويليًا يهدف إلى دعم المرأة الريفية والساحلية والحرفية الراغبة في تأسيس أو دعم مشاريع خاصة في الأنشطة الزراعية والسمكية مع امتيازات وتسهيلات خاصة بها، لذلك بلغت مشاركة المرأة في المشروعات الحرفية والصناعات الثقافية 88% من إجمالي الحرفيين في عام 2021، وقد كان لهيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة دورًا كبيرًا في تقديم الدعم والتدريب لهذه الفئة.
وانعكس ما تمتعت به المرأة العمانية- في الحضر والريف والساحل- من حقوق وامتيازات على تربية الأبناء وبناء الأسرة العصرية المستقرة المتمسكة بالقيم العمانية الأصيلة، الصانعة لمستقبلها من خيوط حاضرها وثقافتها العمانية؛ لذلك يحق لنا وصفها بأنها شريكة في التنمية وشمس عمان التي تنير دروب الأجيال الواعدة ومستقبلها.
** رئيسة صالون المواطنة الثقافي