مدارسنا.. وسؤال الجاهزية

 

محمد بن حمد البادي **

mohd.albadi1@moe.om

 

ما أن يقترب العام الدراسي من بدايته، إلّا ونسمع الكثير من الأصوات أو التحقيقات الصحفية التي تعلن عن الجاهزية التامة لجميع المدارس في محافظات وولايات السلطنة لاستقبال الطلبة، حتى يُخيَّل لنا أن العام الدراسي الجديد سيكون استثنائيًا من حيث الجاهزية، وأن كل شيء في مدارسنا سيكون على أعلى درجات المثالية، وأننا سننسى سلبيات الأعوام المنصرمة من تأخر الكتب الدراسية، ومن زيادة الكثافة في الفصول الدراسية، وقلة عدد الحافلات بالنسبة للطلبة، وزيادة أنصبة المعلمين من الحصص الدراسية، ونقص الكادر التدريسي في بعض المدارس، وغيرها من الأمور التي ظننّا أنها ستكون من الماضي فقط.

لكن لا يبدو أن شيئًا قد تغير عن الوضع السابق، وهنا يتبادر إلى الأذهان سؤال نوجهه لوزارة التربية والتعليم الموقرة: أين تلك الجاهزية التي يتحدث عنها المسؤولون قبل بدء العام الدراسي، وأن كل شيء مكتمل وكل شيء جاهز والكل مستعد لاستقبال أبنائنا الطلبة في مدارسهم، والمدارس جاهزة بالكامل؟!

هل نحن فقط دائمًا نُجيد العمل على الجانب التنظيري، أما الجانب العملي أو التطبيقي على أرض الواقع فيكون آخر أولوياتنا؟ أين الخطط والاستراتيجيات الموضوعة للمنظومة التعليمية في السلطنة؟ هل أصبحت حبرًا على ورق؟ وأين أهداف رؤية "عُمان 2040"؟ وكيف سيتم تحقيقها بهذا الوضع؟

هل من الجاهزية أن نجد طلبة بعض الصفوف الدراسية- ونحن على مشارف انتهاء الشهر الثاني من العام الدراسي- لم يستلموا كتاب الرياضيات، بحجة أن المنهج متغير، ولم يسعفنا الوقت لطباعة الكتب، أو أن التأخير خارج عن الإرادة حيث إن الكتب في الطباعة، ولكن المطبعة تأخرت في تسليم الكتب، أم أن الجاهزية لها معنى مختلف لديكم، وأن الاستعداد له مفهوم مختلف عن ما هو موجود في قواميس اللغة العربية؟

هل من الجاهزية أن يبدأ العام الدراسي ولم تقم فرق وأقسام الصيانة التابعة لمديريات المحافظات بصيانة أجهزة المبنى المدرسي والتي تشمل أجهزة التكييف وثلاجات مياه الشرب والمراوح والمصابيح ودورات المياه ومفاتيح الكهرباء؟

لماذا لم يقوموا بالعمل وصيانة كل الأجهزة والثلاجات والأدوات الكهربائية خلال الإجازة الصيفية؟ لماذا بدأ فريق الصيانة فقط يتحرك مع بداية دوام الطلبة في المدارس، وأنظر إلى الوقت الذي سيأخذه هذا الفريق في أعمال الصيانة ربما يمتد الموضوع إلى الفصل الدراسي الأول بأكمله، وليتحمل الطلبة والمعلمون الحر في الحجرات الدراسية، فما ألطف الجو في الأيام الأولى للدراسة.

لماذا تتكرر مشكلة كثافة الطلبة في الحافلات كل عام؟ حيث نجد أن الحافلات المدرسية تحمل فوق طاقتها المخصصة، فغالبية الحافلات مخصصة لنقل 30 راكبًا فقط؛ ولكن ما نراه أنها تقل أكثر من هذا العدد. وعلى سبيل المثال هناك مدرسة عدد الطلاب بها 753 طالبًا؛ مخصص لهم 10 حافلات فقط؛ أي بواقع حافلة واحدة فقط لكل 75 طالبًا، هل هذا يعقل؟ هل هذه جاهزية الحافلات؟ لماذا لا تزيد الوزارة عدد الحافلات لتواكب الزيادة الكبيرة للطلبة سنويًا في المدارس؟ وزارة بأكملها بميزانيتها الضخمة ومسؤوليها ومستشاريها ومديريها عاجزة عن إيجاد الحل؟

هل من الجاهزية أن نجد نقصًا في أعداد المُعلمين في المدارس، والأنصبة المرتفعة في الجدول لمعظم معلمي المواد الدراسية؟ فمثلًا في إحدى المدارس- ونحن الآن على مشارف انقضاء نصف الفصل الدراسي الأول- لم يدرس الطلبة إحدى المواد الدراسية بسبب عدم وجود معلم لتدريس تلك المادة، من يتحمل هذا الوضع الذي ضاع فيه حق الطالب من التعليم بين إدارة المدرسة التي تطالب المديرية بتوفير معلم وبين المديرية العاجزة عن إيجاد حل، وقس على هذا الأمر حال الكثير من المدارس التي حملت غالبية معلميها فوق طاقتهم من الحصص، إضافة إلى الأعمال الأخرى المصاحبة، دون النظر إلى جودة التعليم كهدف أساسي، إنما أصبحنا نهتم فقط بالكم دون النظر للكيف.

هل من الجاهزية أن نعود إلى نظام الدراسة المسائية؟ بل بالعكس، أصبحت دائرة المدارس المسائية تتسع عامًا بعد عام؛ حيث إن المدارس المسائية التي بدأت تفتح أبوابها لاستقبال الطلبة صارت في ازدياد ملفت وغير مطمئن، فأين استعداد الوزارة التي بنت خططها للتخلص من المدارس المسائية، ولديها إحصائيات بأعداد الطلبة قبل بدء العام الدراسي؟ لماذا لا تكون جاهزة وعلى أتم استعداد لمواكبة الطفرة السكانية، التي يعيشها المجتمع العماني في السنوات الأخيرة، فالنمو السكاني يحتاج إلى مضاعفة الخدمات في كافة الجوانب، مثل الصحة والنقل وغيرها، والتربية ليست بمنأى عن ذلك، فأين الجاهزية لذلك أيتها الوزارة الموقرة ونحن نرى أن المدارس المسائية تزداد يوما بعد يوم، لماذا نحن متأخرون في بناء المدارس؟

فمثلًا.. إحدى الولايات نجد بها 7 مدارس تعمل بالنظام المسائي؛ مما يعني أننا محتاجون وبصورة عاجلة إلى بناء سبع مدارس جديدة تمامًا إن كنَّا فعلًا نريد أن نجد حلا للمدارس المسائية، والعام القادم ربما تصل إلى عشر مدارس، والوضع قابل للزيادة كل عام، وإن لم نسارع في إيجاد حلول جذرية لهذا الأمر سنصل يومًا ما إلى أن نجد مدارسنا بأكملها تعمل بنظام الفترتين صباحي ومسائي.

 

** أخصائي توجيه مهني

الأكثر قراءة