"الإسلاموفوبيا".. تبرير للعداء

صبحي مجاهد **

يتكرر مصطلح "الإسلاموفوبيا" عبر العديد من المواقع الإخبارية ووسائل الإعلام المُختلفة، على لسان المحللين الغربيين والسياسيين في عالمنا العربي، ويظن مُستمع هذا المصطلح أنه مجرد تعبير عمَّا يلاقيه المسلمون في الدول الغربية من عمليات عداء مستمر أو اضطهاد أو منع من ممارسة طقوس دينية إسلامية.

والحقيقة أنَّ هذا المصطلح وُضع لتبرير العداء ضد الإسلام والمسلمين؛ حيث إنِّه يشير إلى مرض وليس ظاهرة، وعليه فإن المرض له مبرره بمرضه وهو مرض الخوف، وأن المطلوب معالجة المريض وليس مهاجمته، وتلك هي حقيقة استخدام مصطلح الإسلاموفوبيا. لهذا كان لمرصد الأزهر العالمي تقرير عن فوضى المصطلحات المشوّهة، وقد اطلعت عليه وتبين لي أن هناك العديد من المصطلحات التي يتم استخدامها وتهدد السلام العالمي، وأن تلك المصطلحات روّج لها أصحاب المصالح، وأنصاف المتعلمين، وتجّار الجهل ممن احترفوا صناعة «الأخبار الكاذبة» و«الحقائق المزيفة» و«التضليل»، و«البلاهة الفكرية»؛ للقيام بمهمة تحديد المصطلحات ووضع تعريفاتها وبيان حدودها.

وأوضح التقرير أن من هذه المصطلحات مفهوم "الإسلاموفوبيا" الذي شاع استعماله وإطلاقه على مظاهر وممارسات معادية للإسلام في دول أغلبيتها غير مُسلمة، في حين أن الكلمة ذاتها تبرر لهذه الممارسات وتسوغ لارتكاب أعمال عدائية بدعوى أن من يُقبل على هذه الممارسات مريض بالخوف من الإسلام، وعند البحث عن الأصل الاصطلاحي للمفهوم وردت كلمة (فوبيا Phobia) في قاموس مريايم ويبستر (Merriam Webster dictionary) بمعنى الخوف المُبالغ فيه وغير المنطقي من شيء محدد أو مجموعة من الأشياء أو المواقف. وقد يبدو من الصعوبة بمكان، تحديد مصدر هذا الخوف أو الاتصال به، ولكنه يظل موجودًا!

ولو وضعنا هذا المفهوم في حيز التفكير النقدي ودائرته، نجد أنه يتضمن العديد من التشوهات الفكرية منها: كلمة "فوبيا" تعني إرهابًا غير عقلاني، وهو مرض عقلي، وبالتالي مصطلح الإسلاموفوبيا مجرد مرض يصيب الأقلية من الناس. ولا شك أن تبسيط الظاهرة ووصم مرتكبيها بالجنون والمرض، قد يدفع الآخرين لتبني مواقف دفاعية أو منحازة بدافع التعاطف مع هؤلاء المصابين بهذه الظاهرة.

وفي الحقيقة، فإنّ مفهوم الإسلاموفوبيا ظهر في أواخر القرن الماضي، عندما قامت مجموعة يسارية بريطانية تطلق على نفسها اسم رينميد ترست (Runnymede trust) باستخدام هذا المفهوم لتأجيج مشاعر الكراهية ضد الإسلام والمُسلمين، بشكل انعكس على معاناة المسلمين من الممارسات التمييزية والإقصائية، وشاع استعمال المصطلح بشكل ملفت للانتباه مع هجمات 11 سبتمبر 2001، وتطوّر حتى تحول من مجرد مصطلح يتردد على الألسن إلى ظاهرة خطيرة تعددت مظاهرها وأشكالها وتعاظم أثرها، مع ترويج الإعلام لها بمختلف تطبيقاته الحديثة؛ حيث يتم إلصاق أية حادثة أو عملية عنف مادية أو معنوية تحدث في الغرب، وبدون تحر بالجالية المُسلمة.

من هنا ينبغي علينا أن ننتبه في وسائل إعلامنا من استخدام مصطلح "الإسلاموفوبيا" وغيرها من المصطلحات التي تظهر فجأة في الإعلام الغربي، فنقوم بنقلها دون أن يكون لدينا وعي كامل بما تقصده هذه المصطلحات وهدفها.

** عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية مصر

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة