هل المجتمع شريك في المنظومة التعليمية؟

 

حمود بن علي الحاتمي

alhatmihumood72@gmail.com

 

ينظرُ المجمتع إلى المدرسة على أنها الملاذ الآمن من هجمات وملوثات شبكات العالم التقنية السلوكية والأخلاقية، وينتظر بفارغ الصبر بدء العام الدراسي، وينظر إلى المدرسة كذلك على أنها الحضن الآمن للأبناء؛ كونها تغرس في الأبناء الأخلاق والقيم الحميدة.

وفي ذات الوقت، يتنافس الآباء والأبناء في البحث عن المعلمين والمعلمات المجيدين لتعليم أبنائهم، وكم تنفرج ابتسامتهم وتتهلل جباههم فرحًا إذا علموا أنَّ المعلم المجتهد قد يدرس ابنهم. والمجتمع يتفحص من أول يوم دراسي كتب الأبناء ويبحث عن التجديد في المحتوى (الموضوعات)، لكنه غير معني بالعمليات (الأهداف، استراتيجيات التدريس والوسائل التعليمية والعروض التقديمية والأنشطة التقويمية). وبما أن المجتمع قد عايش مسيرة التعليم وما رافقها من موضوعات بالنصوص الشعرية تتناول مواضيع دينية ووطنية وتوعوية متنوعة، فهو مطمئن إلى أن أبناءه سيكتسبون قيمًا وأخلاقًا ومهارات، كتابية وقرائية.

المجتمع صار واعيًا بما يدور في المدرسة؛ نظرًا لتصاعد المستوى التعليمي وأيضًا مستوى الوعي التربوي، وهو ما يمكِّنه من مشاركة المدرسة في عملياتها، ويكون شريكًا أساسيًا فيها. غير أنه ينزعج إذا وجد ما يغيِّر من قيمه ويمس معتقداته أو يمس شيئًا من لغته، ويستخدم شبكة التواصل الاجتماعي لإيصال صوته، وهو ما يحدث بين الفينة والأخرى، حتى أصبح المجتمع مُحللًا للمناهج أكثر من التربويين ذاتهم، وبلغ به الحال للتدخل حتى في الصور والرسومات الواردة في المناهج.

وأودُ في هذا السياق التطرق إلى نشيد "غزالة غزلوكي"، وردود الفعل عليه، وهو موضوع نشيد للعبة شعبية خليجية وردت في منهج المهارات الموسيقية بالصف الثاني الأساسي، وصاحبه جدل عكس تحفظ فئات من المجتمع على المفردات الواردة في النص؛ وهي بعيدة عن الألفاظ العمانية الدارجة في مجتمعنا.

والسؤال الآن كيف تنظر وزارة التربية والتعليم إلى المجتمع؟ أليس شريكًا في التربية؟ أليس عنصرًا من عناصرها؟ ألا يجب أن تراعي الوزارة ما يطمح إليه المجتمع في تعليم أبنائه.

إنَّ الساحة العمانية ثرية بالموروث الموسيقي والأدبي ووصلت إلى العالمية، ومن هنا كان حريًا بالقائمين على المناهج اختيار محتويات مناهجنا من نتاجنا العلمي والأدبي والفني، وفق قيمنا وثقافتنا، وهذا ما يُعزز الوطنية في نفوس أبنائنا.

لا ضير أن نستورد الاستراتيجيات وأساليب التدريس والأخذ بمستجدات التربية في بناء المناهج وبما يُحقق التجديد في ممارساتنا التربوية، لكن ليس على حساب المحتوى (موضوعات الكتب)، وخاصة في السنوات الأولى من المدرسة؛ كون الطالب بحاجة إلى تعزيز القيم والمواطنة، بما يضمن تحقيق أهداف وطنية وتنشئة صحيحة.

لا يجب على القائمين على المناهج صم الآذان عن مطالبات ورأي المجتمع؛ بل من الواجب أن يستمع له ويتفاعل معه؛ فهو لديه من الوعي والثقافة والمستوى العلمي العالي ما يمكِّنه من طرح أفكاره التربوية ويجب على القائمين على التربية النظر إليها بعين الاعتبار.

كذلك يجب على المجتمع ألّا ينساق وراء تغريدات محتواها يجافي الحقيقة، ومن ذلك تصوير جوانب خلفية في مدرسة ما من أجل الإثارة وترك الجهود المخلصة التي تقوم بها مدارسنا لتهيئة البيئة الجاذبة للتعلم. الحوار الهادف والصادق هو ما يخلق شراكة حقيقية بين المجتمع ووزارة التربية والتعليم، من أجل تجويد العمل التربوي.