ارحموا أصحاب الدخل المحدود؟

 

سالم بن نجيم البادي

 

بداية من أين جاءت هذه التسمية الدخل المحدود؟ وما الفئة التي يمكن أن نحكم عليها بأنَّ دخلها محدود؟ وهل تقابلها فئات الدخل اللامحدود؟ وهل يقصد منها الهروب من كلمة فقير؟ ومن هذا الذي يمكن أن يحكم على فلان أن دخله محدود، وما الأسس والمعايير التي جعلته يطلق هذا الحكم؟ هل أخذ في الحسبان عدد أفراد الأسرة والمستوى المعيشي الذي اعتادوا عليه وعدد الأبناء الذين يدرسون في الجامعات والمعاهد الخاصة أو حتى الحكومية ويحتاجون إلى مصاريف إضافية وعدد الأبناء الذين يبحثون عن عمل والديون التي على رب الأسرة وأقساط البنوك التي عادة لا يسلم منها أحد من أصحاب الدخل المحدود.

يوجد اختلاف بين الجهات المختلفة في الدولة في تحديد أصحاب الدخل المحدود، لكن كل تلك الجهات تتفق على دخل زهيد مثل 400 ريال أو 300 ريال، وإذا زاد قليلًا عن ما هو محدد يُصبح الفرد خارج فئة الدخل المحدود، وفي هذا ما لا يخفى من الظلم مع ارتفاع الأسعار وزيادة قيمة فواتير الكهرباء والضرائب والرسوم المختلفة، في الوقت الذي لم تتغير فيه الرواتب ومعاشات التقاعد وتوقف أو تأخر الترقيات المستحقة. لقد أظهر الحصر الذي قامت به إدارات المدارس لفئة الدخل المحدود وفئة الضمان الاجتماعي بعد الأوامر السامية بتوفير المستلزمات الدراسية والتغذية لهم أن أعدادًا كبيرة في المجتمع هم من أصحاب الدخل المحدود والضمان الاجتماعي، وهذا مؤشر خطير ينبغي التوقف عنده طويلا لمعرفة الأسباب والعواقب المترتبة على الزيادة المضطردة في أعداد هذه الفئات، في الوقت الذي يأمل الناس فيه أن يعيشوا حياة الرفاهية الموعودة في الخطة الطموحة "عُمان 2040".

لست هنا في وارد التثبيط ونشر الإحباط، ولكن ترك الأمور هكذا واتباع سياسة هروب النعامة التي تدفن رأسها في الرمال، قد يقود إلى ما لا يُحمد عقباه، وأخشى أن تتسع دائرة الفقر في مجتمع لا يتجاوز عدد مواطنيه 3 ملايين نسمة، وحينئذ لن ينفعنا تجميل المسميات واختراع المصطلحات من قبيل أصحاب الدخل المحدود وأسر الضمان الاجتماعي، وسوف نسمي الأشياء بمسمياتها دون مواربة كأن نقول الفقراء عوضًا عن أصحاب الدخل المحدود لا قدر الله.

وسوف أذكر مثالًا واحدًا يدل على كثرة أعداد أصحاب الدخل المحدود في المجتمع، ففي إحدى المدارس يصل عدد الطلبة إلى 295 طالبا وطالبة، وقد تبين أن عدد أصحاب الدخل المحدود وفئة الضمان الاجتماعي الذين تمت الموافقة على طلباتهم هو 85، عدا أولئك الذين احضروا أوراقهم وقد رُفضت طلباتهم لأن دخلهم يزيد عن 400 ريال حتى لوكانت الزيادة 100 بيسة ومع أنهم قدموا الأدلة التي تثبت ما عليهم من ديون والتزامات مالية.

ولذلك أناشد المسؤولين والجهات المعنية أن ارحموا أصحاب الدخل المحدود وابحثوا عن الحلول التي تخفف عنهم قسوة الحياة، وكما قال أحدهم: "في هذا الزمن شو تكفي 400 ريال؟".

إنه سؤال منطقي، لكن إجابته عند من صنفوا صاحب الدخل المحدود!