إسماعيل بن شهاب البلوشي
في المُسمّيات الرسمية في بعض الجهات المدنية والعسكرية حول العالم، يوجد القائد والقائد الثاني أو المدير ونائب المدير؛ غير أن الكثير من الجهات أوجدت لها طبيعة الأيام قائدًا ثالثًا وبمنصب حقيقي ثابت لا يزول، ولا يحول، ولا تغيره دورة الحياة العملية، حتى بالتوارث؛ فهو ملك أزلي يُسيطر من خلاله على مجرى الأمور ويقاتل بشراسة لا هوادة فيها للإبقاء على طبيعة وسلوك كل شيء، كما يراه هو لا غيره، وحتى مع تطور الكثير من الجوانب وتغير القوانين، فإن له طريقته المثلى للسيطرة على كل الدائرة، وإبقاء كل شيء برؤيته وخبرته ومعرفته.. ببساطة إنه كل شيء للعمل والعاملين!
هذه العقول تشبعت بطبيعة عمل وشكل من أشكال التنفيذ ولا يمكن لها قبول أي تطوير أو تجديد، ولأنَّ العرف السائد وفي معظم الدوائر هو تغير المدير ونائب المدير، إلا أن الدائرة والمؤسسة والتي تعمل منذ عشرات السنين وتتعامل مع أعداد كبيرة من الموظفين والمراجعين والمجتمع المحيط، أصبحت تتصف بصفة ولون مُعين، ليس من السهل أن يتغير سلوكهم وتعاملهم مع مديرهم الجديد؛ بل إن الأقرب إلى الواقع أن مديرهم عليه مسايرة وقبول طبيعة ذلك العمل، إلا إذا كان على درجة غير عادية من الفهم القيادي والإداري، فإنه وبأسلوب خاص متميز يمكن أن يجعل العمل كما يريد، ومع ذلك فإنِّه سيواجه تحديًا غير اعتيادي وعليه قبول ذلك والعمل بذكاء.
وأهم ما يمكن لنجاح رؤية أي قائد في أن تتحول لسلوك عمل هو البحث عن شخصيات معينة يستمع لها أغلب الموظفين، وقد استطاعت أن تتغلب على كل من يقود تلك المؤسسة وعليه مواجهتهم بكل بحزم ووضوح؛ بل وحتى نقلهم من تلك المؤسسة إذا استدعى الأمر، علمًا بأنهم لن يستسلموا بسهولة وسيكافحون بكل قوة ويختلقون أحداثًا وأعمالًا لم تكن قائمة، وكل ذلك بهدف إعطاء صورة سلبية لكل من يحاول أن يقتحم عرينهم، وكل ذلك يأتي في خانة "صعوبة التغيير" حتى لو كانت مفيدة للجميع.
هنا يجب على كل مسؤول يتم تعيينه أن يُراعَى في صفاته تمتعه بسعيه لرضا الخالق والعباد وأن يتم اختيار من هو على كفاءة ومعرفة ومقدرة على إحداث التغيير بالطرق المناسبة، وأن يعلم أن البداية ستكون صعبة، وأن الكثير مما سيستمع إليه إنما هو ثمن التغيير وليس عيبًا فيه؛ لذلك على مسؤوله الأعلى مساندته والوقوف معه بالحق ومع الحق والمصالح الوطنية العليا.
وأخيرًا.. إنني أدعو الجميع إلى التعمق في معرفة واقع كل مديرية ومؤسسة حكومية ومن الذي يديرها ومن أكمل عشرات السنين لشكره وإعطاء الفرصة المناسبة للعقول التي تستطيع أن تغير إلى الأفضل، وأن يكون النجاح الحقيقي خدمة المواطن الذي جعل الله على أيديهم إنجاح أعمالهم ومصالحهم التي تحقق لهم الرفاهية والسعادة، وكذلك التجديد والشجاعة في تغيير وإبعاد أشخاص بعينهم من الكثير من الجهات كي تنبت أشجار صغيرة قد لاتجد اليوم الضوء المناسب لوجود أشجار تحجب الضوء عنها.