وسقط جسر لندن

راشد بن حميد الراشدي

سبعون عاما من حكم إمبراطورية مترامية الأطراف لعائلة ملكية عرفها العالم أجمع، ظل فيها "جسر لندن" صامداً مع تقلبات الدهر وأحداثه الشهيرة لينهار فجأة ويسقط كخلق من خلق الله له نهايته مهما تقادم العمر، فلا خلود لبشر إلا في الآخرة.

اليوم تتناقل وسائل الاعلام العالمية في شتى أنحاء الأرض خبر وفاة الملكة اليزابيت الثانية والتي حكمت بريطانيا لاكثر من ٧٠ عاماً وهي في عمر الـ ٢٥ من عمرها وشهدت تغيرات كثيرة في العالم ومنها حكم المملكة المتحدة تلك الامبراطورية التي وصفت بأنها لا تغيب عن أراضيها الشمس لاتساع حكمها في ذلك العهد ولتبقى مثالا للدول التي يتحد العالم من حولها بإعتبارها محوراً مهما ولاعباً أساسياً في العالم لتوازن القوى وما حدث طوال الاعوام والازمان السابقة من تقلبات أدت الى ظهور دول عظمى نافست المملكة المتحدة وتفوقت عليها في قيادة العالم والتأثير عليه .

إلا أن حكمة الملكة وقيادتها للملكة وعلاقتها الطيبة ساهمت وبشكل كبير في بقائها في دائرة الضوء إضافة إلى علاقة الملكة بمعظم حكام العالم وتقديرهم لها ولجهودها في إدارة الأزمات ومتابعتها بإقتدار .

وسلطنة عمان التي حملت شعار السلام الى كل دول ألعالم تربطها مع المملكة المتحدة علاقات متميزة وقوية ساهمت في تعزيز أواصر التعاون في مختلف المجالات ودعم جوانب التنمية الشاملة في البلاد بما تملكه المملكة المتحدة من خبرات وعلوم متطورة ساهمت في ذلك وعززتها مكانة السلطنة لدى الحكومات المتعاقبه والاسرة المالكة والتي على رأسها جلالة الملكة اليزابيت الثانية التي زارت عمان، كما زارها أبناؤها وأحفادها من الأسرة المالكة وعلى رأسهم ابنها الملك تشارلز الذي كان ولياً للعهد.

اليوم تودع لندن والعالم معها جسرها المتين الذي ظل صامدا بقدرة الله وأجله المحتوم على كل نفس خلقت على هذه الأرض، وأمنياتنا القلبية أن يحل السلام الأرض وترتفع الخبائث عن هذا الكون ويعود الإنسان إلى رشده لكي يعمر الأرض كما أرادها الله بالعمل الصالح والافعال النبيلة، وتبقى الأرض أمنة مطمئنة بنور الهداية وقوام الحياة وهو الإسلام دين الله القويم. 

وليكن جسر لندن عبرة لنا جميعاً بأن الحياة الدنيا قصيرة زائلة مهما بلغ الإنسان فيها من العمر والجاه والنفوذ. ونتمنى للأسرة الحاكمة في المملكة المتحدة أن تحكم نحو خير دولها والعالم أجمع ويكون نتاج هذا التقدير هو صلاح الأمم وفلاح تدبير أمورها.