إلى اللقاء خريفنا الجميل

 

خالد بن سعد الشنفري

نعم إلى اللقاء، ولن نقول وداعًا.

أيها الخريف الحبيب المتجدد علينا كل عام بالحب والخير يا أيقونة ظفارنا العزيزة، إن عودتك إلينا في العام المقبل محسوبا لدينا في القلوب والأفئدة بالساعات والأيام لا بالشهور. أحببنا حتى اسمك الذي يمثل لنا ربيع الحياة وأجمل أيامها  في كل عام رغم أن معنى مسماك لغوياً في عربيتنا الجميلة يعني النهايات لا البدايات.. فعذرًا للغة لأننا خالفناك هذه المرة، ولن نتخلى عنه كمسمى لك وستبقين الحاضنة لنا وله تحت سمائنا هذه، فأنت الحياة التي نعيشها ونتنفسها بكل معانيها، وأنت لغة قرآننا ودستورنا، لغة الضاد العربية التي لا شبيه لها ولا وجود في جميع ألسن العالم.

وأنت أيها الخريف الجميل يا هبة الله لنا، ستظل تمثل لنا دائمًا بداية البدايات والحياة بأسمى معانيها.

أنت بداية الظل بغيومك.. بداية انتعاش وجوهنا برذاذك.. بداية تفتح براعم البذور الكامنة في رمال أرضنا والتي خلفتها لنا من بقايا موسمك المنصرم والتي لا ترى بالعين المجردة لتملأ حياتنا- بعد وصولك- بهجة وحبورًا وإخضرارًا أشبه بالجنة.

بداية اكتساء أشجارنا العملاقة المعمرة لأغصانها وريقات الحياة الخضراء لتكسيها حلة تتناغم مع الزهور والورود والطيور فالكل يصدح ويسبح الله على جنته في الأرض.. بداية تدفق الشلالات من أحشاء وبطون جبالنا التي يزداد ويتواصل هدير تدفقها مع ذروة عطائك وتكتمل بها الملحمة الخريفية وتبقى لدينا لاتفارقنا حتى بعد مغادرتك لأشهر قد تستمر بعضها لحين وصولك القادم إلينا بعد عام لتذكرنا بك..ياما أنت كريم ياخريفنا حتى بعد مغادرتك.. بداية "مشاديد" الذرة والدجر الذي ننتظر تذوقه كل عام وقد كنَّا نعتمد عليه اعتمادا كليا في سابق عصورنا معك وحاليا لنقول "حلحول السلامة".. بداية شبع وامتلاء بطون حيواناتنا من عشبك السندسي الغني لتسمن وتدر لنا لبنا وسمنا وعسلا من فم الطبيعة إلى أفواهنا مباشرة.. بداية بقولياتنا وثمرنا البري الموسمي، والمشروم (القنباء) والبيضاح والحمحم والتنتلي والكوم وغيرها الذي عشنا عليها لسنين وعيشتنا.. بداية التفافنا حولك.. ففيك تكون أفراحنا وأعراسنا وأعيادنا وتقاربنا من بعض والتفافنا حول بعض.. بداية حياة تتجد لنا كل عام حينما يحل فيها حلولك فنقول بصوت واحد "حل حولك ياخريف كما نقول حل حلولك يا رمضان ويا كل جميل في حياتنا"؛ ففيك نتذوق مالم نذقه خلال فصول ثلاثة مرت علينا قبل حلولك من خيراتك المميزة والحصرية.

ستبقى أيقونة المواسم وأيقونة ظفار، وعمان تجتمع كلها على محبتك ومحبة بعضها بعضا فيك... وها أنت تصبح اليوم وبجدارة أيقونة سيمفونية خليجية تتوسع كل عام حولك وستصبح عما قريب أيقونة الجزيرة بل العالم العربي والعالم أجمع.

هنيئا لنا بك وشكراً للرب الذي اختصنا بك وجعلك عطاء جميلا للجميع.. وكل خريف وأنتم بخير.