"عودة الماضي".. انتقال عبر الزمان

فايزة محمد

تُشد الرحال سنويًا إلى مُحافظة ظفار لما تتمتع به من أجواء طبيعية ساحرة خلال موسم الخريف، باعتبارها الوجهة السياحية المُفضلة للكثير من الأسر العُمانية والخليجية، ولا يمل الزائر من مناظرها الخلابة وأجوائها المنعشة.

"إنِّه خريف استثنائي"، هذه هي الجُملة التي نُرددها في كل عام، لأن أجواء ظفار في كل عام تكون استثنائية وممتعة، بالإضافة إلى الأنشطة والفعاليات التي تقام يوميا والتي تناسب جميع الأعمار والفئات، الذين حرموا من هذه الرحلة في العامين الماضيين بسبب جائحة كورونا.

لكن من وجهة نظري، فإن أبرز هذه الفعاليات التي أضفت جمالا على جمال خريف ظفار، هي فعالية "عودة الماضي" حيث تعود بالزمان إلى الماضي الجميل بتفاصيله وذكرياته وأيامه وأماكنه، تلك الفعالية التي تبناها الكاتب  والمخرج المسرحي عماد الشنفري وقدم الأفكار والمقترحات إلى بلدية ظفار التي رحبت بالمُقترح وقدمت الدعم لتنفيذها في أسرع وقت.

الشنفري الذي رافقنا في زيارة هذه الفعالية قال: "فعالية عودة الماضي نظمتها وتبنت فكرتها بلدية ظفار حيث تم تنفيذ العمل في مدة قياسية استغرقت شهرين فقط، من خلال بناء مدينة وأسواق على مساحة عشرة آلاف متر مربع بمحاذاة البحر، تضم 100 محل تجاري للصناعات المحلية المختلفة و15 مطعما وأركانا مختلفة تحاكي فترة الستينات والسبعينات من القرن الماضي، وتم تصميم السوق ليحاكي سوق ظفار القديم بمنطقة الحافة، حيث وضعت التصاميم والخرائط والمساحات مشابهة لذلك السوق الشهير".

وعندما وصلنا إلى مكان الفعالية في منطقة الحافة وجدت منطقة فيها بيوت قديمة، ويبدو من طبيعة هذه المنطقة أن هناك مشروعا يتم تنفيذه فيها، وسألت عماد الشنفري عن هذه المنطقة وهل لها علاقة بفعالية "عودة الماضي" فأجاب بأن اختيار موقع فعالية "عودة الماضي" جاء ليكون بالقرب من مدينة الحافة التراثية والتي أسند العمل فيها لشركة الحافة الأهلية، حيث سيتم ترميم هذه المدينة الأثرية، والتي تضم أكثر من 310 منازل أثرية يعود تاريخ بعضها لأكثر من 300 سنة، وبالتالي سيتم إحياء المدينة التراثية لتضم أسواقا ونزل إقامة ومطاعم سياحية بشكل يوازن بين التاريخ والحداثة، حتى يجد الزائر للمحافظة تنوعا سياحيا بين التاريخ والوقت المعاصر، وبالتالي فإنَّ نجاح فعالية "عودة الماضي" بمحاذاة مدينة الحافة التراثية هو محاكاة لما سوف تكون عليه هذه المدن مستقبلا بإذن الله.

ومن يزور هذه الفعالية سيجد فيها عشرات المحلات بأسماء قديمة لا وجود لها اليوم ولا تعرفها الأجيال الحاضرة، مثل "الجمرك" و"تسجيلات" و"دختر" وغيرها، لذلك فإنَّ فكرة الفعالية هي نقل الأجيال المعاصرة إلى فترات من القرن الماضي بشكل محاكاة يومية لما كانت عليه الحياة سابقا، كما سيجد الزائر للقرية أسواقا فتحت أبوابها للأسر المنتجة وأطفالا ورجالا ونساءً يتحركون هنا وهناك بملابس من الماضي.

من يزور هذه الفعالية سيجد نفسه انتقل من عام 2022 إلى ستينات وسبعينات القرن المنصرم، والأجيال الجديدة الذين ولدوا في زمن الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية يستطيعون عبر زيارة هذه الفعالية أن يعيشوا الماضي بتفاصيله المختلفة، وإذا كان الروائي الإنجليزي هربرت جورج ويلز تحدث في روايته "آلة الزمن" عن عالم انتقل عبر الزمن إلى المستقبل البعيد فإنَّ "عودة الماضي" ستنقلك إلى الماضي.