شكرًا لهؤلاء المنتقدين

 

أحمد بن موسى البلوشي

كل فرد في هذه الدنيا ينتمي للوطن الذي نشأ وتربى فيه، يعتز ويفتخر به، والقصد بالانتماء هنا حب الوطن والدفاع عنه والحفاظ على ممتلكاته، والمساهمة في تطويره والرفع من شأنه، وكل فرد له حقوق وعليه واجبات تجاه هذا الوطن، ومن الواجبات التي يجب أن يتحلى بها المواطن النقد الإيجابي لما يراه يحدث، وليس المقصود هنا بالنقد الإيجابي المديح والثناء والشكر فقط؛ بل يُقصد به أن تصف ما تراه من الأعمال والمشاريع والخدمات بصورة منطقية وحيادية، وتذكر الإيجابيات والسلبيات لها، فهذا النوع من النقد هو من يدفع البلد للتطوير والتغيير، وهو من يوجه الجهات الحكومية لبذل مزيد من الجهد للارتقاء بالبلد والمواطن.

يقول فرانك كلارك: "النقد مثل المطر ينبغي أن يكون يسيرًا بما يكفي ليغذي نمو الإنسان دون أن يدمر جذوره".

إن ما نلاحظه من خلال مواقع التواصل الاجتماعي يؤكد لنا تنامي وبصورة سريعة ظاهرة النقد الغير منطقية للكثير من الأمور التي تحدث بالبلد سواء كانت مشاريع، وقرارات، وأعمال خدمية، وغيرها، لا أحد ينكر بأن هناك الكثير من الأشياء التي تحتاج للنقد، ولكن الإسراف في النقد المحبط ليس منطقيًا ولا مجديًا، وإن كان هذا النوع من النقد وللأسف الشديد مطلوبًا ومغريا للبعض، وتصفق له الجماهير، نقدًا دون طرح المقترحات والحلول لتصحيح المسار، ويجب أن نعي نقطة مهمة وهي ليس كل منتقد للأمور والأحداث التي تحدث في الوطن يٌعتبر ناقدًا صادقًا، فالكثير من المنتقدين هم متهجمون وسلبيون وغير منطقيين، يظهرون الجانب السيء من كل شيء، ويتجاهلون جوانب النور فيها؛ وأحيانًا يتسببون في إحداث فتنة في المجتمع، فلابد أن يكون النقد صادقًا وبناءً بحيث يوجه لأصحاب الاختصاص والعلاقة بهدف تطوير العمل والرقي به، وتحكيم المصلحة العامة على الشخصية.

أمّا إن كان هدف هذا النقد هو الانتقاص من الآخرين وأعمالهم وإبراز سلبياتهم فعلم أن النقد هنا هدفه إبراز الذات. من السهل جدًا أن تنتقد أي شخص أو أي عمل، ولكن ليس من السهولة بهذا النقد أن تطور العمل، وتكمل البناء، وتسد الثغرات. والمتمعن خلال السنوات الأخيرة يلاحظ التطور الحاصل في بعض القطاعات والمشاريع التي تقام في البلد، وهذا راجع في أغلب الأحيان لذلك النقد السليم الذي يقوم به بعض المواطنين، فشكرًا لهذه السياسة التي تتبعها الحكومة، والشكر موصول لمن يخاف على وطنه ويحافظ عليه، وهنا نقول بأن رأي المواطن له دور كبير فهو مساهم حقيقي في التنمية والتطوير.

كُن على يقين عزيزي المنتقد، بأنه ليس من الضرورة أن يُلتفت ويُستجاب لنقدك، وإن كان نقدًا مفيدًا وصحيًا، ولا تنزعج كثيرًا إذا أتاك رد غير متوقع، فأحيانا ننظر للأمور بمنظور مختلف عما يراه المسؤولون والمختصون، أو ربما يكون لديهم مبررات مختلفة، واحتمال أن يكون الصواب معهم والخطأ معك، وهذا أمر صحي وطبيعي فلا تجزع ولا تتردد بأن تقدم دائمًا نقدك الهادف لكل ما تراه، فأنت تنتقد لمصلحة الوطن وليس لمصلحة المسؤول..

فشكرًا لكل منتقد يحب وطنه ويغار عليه؛ فالوطن ملك للجميع.

تعليق عبر الفيس بوك