مقترح لاستقطاب الكفاءات

 

خلفان الطوقي

لدى السلطنة وشعبها طموحات وآمال تطال السماء، ومن ناحية أخرى وعدت الحكومة الحالية مواطنيها بالكثير من العمليات التصحيحة التي من المؤمل منها تأمين نمط حياة أفضل للمواطن والمقيم والزائر، ومعاملات أسرع وأسهل، وخدمات أذكى وأرقى، وفرص استثمارية أكثر وأجدى للتاجر المحلي والمستثمر الخارجي، طموحات عظيمة من خلال رؤية "عُمان 2040".

لكن بين الطموح والواقع مسافة ليست بالقليلة، ولا يمكن تقليصها إلا من خلال عدد من المبادرات والبرامج الابتكارية، وهذا ما سوف يحاول المقال اقتراحه بعد استعراض المعضلة الحاصلة في جميع الوحدات الحكومية دون استثناء، فما هي المشكلة؟ وما هو المقترح؟

المعضلة تكمن في وجود عشرات القيادات في الوحدات الحكومية المختلفة من الصف الثاني (مديري عموم ومساعديهم) معظمهم أكمل عشرات الأعوام في نفس الوظيفة، ولديهم مشكلتان، أولا مشكلة القدرات القيادية والفنية التي لديه تكون محدودة لأسباب خارجة عن إرادته، والسبب يعود للأجواء التقليدية والعمل الروتيني المكرر الذي لا يمكن أن يطور هذه القيادات إلا في نطاق ضيق جدًا، والمشكلة الثانية مرتبطة بقانون الخدمة المدنية الذي لا يكفل مزايا مالية مشجعة، فرواتبهم معروفة ومحدودة جداً مقارنة ببعض الكفاءات في القطاع الخاص المرن، وهذه المزايا المالية المحدودة لا تحفزهم للإنتاج والتميز، فكما يقال أو يردد من البعض: الإنتاجية مقابل الأجر المالي، ورؤساء وحداتهم لا يملكون مساحة كافية لمكافأتهم بما يستحقون في حال تميزهم وتنفيذهم للمشاريع الكبرى وتسليمها، كما أن رؤساء الوحدات لا يمكنهم استقطاب كفاءات تضمن لهم تنفيذ المشاريع الكبرى التي تتوافق مع تطلعات الوطن والمواطن.

والنتيجة هي استمرار المعضلة القائمة بقلة الكفاءات المميزة أو ندرتها في الوحدات الحكومية، فلا تجد المجتمع راضياً عن الخدمات المقدمة أو المشاريع المنفذة، واستمرارية مقارنتهم بالدول الأخرى من حيث تميز الإنتاجية وتنفيذ المشاريع الوطنية النوعية، وعدم تمكين رؤساء الوحدات (الوزراء ورؤساء الهيئات) من استقطاب الكفاءات من داخل وخارج عمان، ولو بعقود مؤقتة تضمن جميع الأهداف التنموية الطموحة، والتي من خلالها تضيق الفجوة بشكل سريع بين الواقع والطموح.

المقترح المعروض هنا هو: تمكين رؤساء الوحدات من خلال منحهم بندا ماليا من خلاله يمكن استقطاب "كفاءات وطنية" وفق شروط مُعينة من حيث المكافأة المالية، والمدة، وأداء مهام مُعينة، تحقق إنجازات سريعة "quick wins"، وفق معايير مهنية شفافة بعيدة عن المُحاباة، ومن خلال انتداب كفاءات من الشركات الحكومية، أو شركات القطاع الخاص، وفي حال عدم توفر "الكفاءات الوطنية" المحلية، يمكن الاستعانة بكفاءات دولية بشكل مباشر أو من خلال عضويات السلطنة في المنظمات الدولية.

وإضافة إلى المقترح الأول، هناك مقترح ثانٍ، ويكمن في ضخ ميزانية مالية محكمة هدفها تدريب وتأهيل صف ثانٍ وصف ثالث لخطة خمسية تضمن الكفاءات القيادية النوعية وليس الكمية وتضمن سد أي ثغرات مستقبلية وتقلل من تحديات المُستقبل.

لقد حان وقت المصارحة مع الذات والواقعية في التوقيت مطلوبة إذا أردنا اختصار الزمن، ورؤية المبادرات والمشاريع النوعية منفذة في أرض الواقع، وإلَّا سوف تستمر أحلامنا تلامس السماء، وواقع بسيط لا يتعدى المقارنات مليء بعدم الرضا، عليه فالحكومة مطالبة بالحلول المبتكرة والخلاقة، والجرأة في اتخاذ القرارات الجريئة الاستباقية المرنة التي تمكن الوحدات الحكومية ورؤساءها، وإلا سوف يبقى تحركهم محدودا وببطء شديد، وللحكومة اختيار ما تراه مناسبًا.

الأكثر قراءة