الإسكندرية - القاهرة.. رايح جاي

 

 

سالم بن نجيم البادي

أخذت هذا العنوان من فيلم كريم ضياء الدين "إسماعيلية.. رايح جاي"، مع الاعتذار له، وقد قررنا أخي محمد وأنا هذا العام زيارة مصر، التي سبق وذكرت في مقال "مصر أم الدنيا"، أنني غارق لشوشتي في حُبها وحب أدبائها وكتابها وفنها المسرحي والسينمائي والمسلسلات والأغاني والعلماء، وصحفها وإعلامها.. مصر الأرض والإنسان والحضارة.

ذهبنا من مسقط إلى الإسكندرية عروس البحر المُتوسط الرائعة، بجوها المعتدل في مثل هذا الوقت، وناسها وشوارعها الضَّاجة بالحركة والناس، الذين يتوافدون عليها من كل مكان في مصر  ومن خارج مصر؛ حيث تعد المكان المفضل لقضاء أجمل الأوقات وأحلاها في الصيف.

كل شوارع الإسكندرية مزدحمة بالنَّاس، خاصة في الليل وقريبا من البحر.. أفواج هائلة من البشر، وأنا أحب التسلل وسط زحام الناس والاختلاط بهم، وهم يبيعون ويشترون ويتنزهون، إنهم يحبون الحياة والعمل.

ومن حُسن الطالع أن يكون محل إقامتنا قريبا من البحر، وقد رافقنا العم أبو شروق الذي دلنا عليه أحد معارفنا هنا في عُمان، والذي اعتاد قضاء إجازة الصيف في الإسكندرية.

كان أبو شروق ظريفا وودودا، وحريصا علينا، أخذنا إلى الشوارع والأسواق التجارية، ومرَّ بنا وسط المدينة والأحياء الشعبية القديمة، ومن ضمنها المكان الذي يُسمى "ريا وسكينة"، وفيه وقعت جريمة القتل المروعة والمشهورة في الحكايا المصرية المعاصرة؛ حيث الكازينو الذي يعرض صور الضحايا والقضاة والوثائق المختلفة الخاصة بهذه الجريمة.

وكان لابد من زيارة مكتبة الإسكندرية العريقة التي سعدت كثيرا بوجود أحد كتبي من ضمن مُقتنياتها، وعند المكتبة يوجد متحف، وفيه معروضات كثيرة من تاريخ مصر العريق وحاضرها المزدهر، ومقتنيات الرئيس المصري الراحل أنور السادات التي تبرعت بها أرملته، كما علمنا، كما يوجد معرض مصاحب للكتب خارج المكتبة، وزرنا قلعة قايتباي الشهيرة، والمسرح الروماني.

الإسكندرية باهرة وحركة الناس فيها لا تهدأ.. ولفت انتباهي بَسْطات فواكه العنب والمانجا والتين والكرز والتين الشوكي المزدهرة تجارته هذه الأيام، وتذوقنا السمك في "مطعم شعبان" الذي وصلت شهرته إلى عُمان.

ومن الإسكندرية، انتقلنا إلى القاهرة عبر محطة سيدي جابر في القطار المريح والمكيف، وفي القاهرة زرنا سيدي الحسين، وقهوة الفيشاوي، والسيدة زينب، والأزهر الشريف، وخان الخليلي، والمتحف القومي للحضارة المصرية الجديد، وقد تمكنَّا من مشاهدة المومياوات، وزرنا متحف الفن الإسلامي وقلعة صلاح الدين ومتاحف قصر عابدين، والأهرامات التي أخذت صورا معها بأوضاع مختلفة، وأنا أطير أعلى الهرم، ومتكئًا على الهرم، وأنا أضع يدي فوق رأس تمثال أبي الهول، ذلك ما فعلته خدع التصوير، لقد كان سائق الحنطور لطيفا وبشوشا ومصورا بارعا.

وأخذنا جولة ليلية على قارب في نهر النيل، وسعدنا بالتجوال ليلا على كورنيش النيل، وفي ليل القاهرة يحلو السهر.. القاهرة التي لا تنام، وقد جمعنا الزميل المعلم عطية الذي يعمل في ولاية ينقل في عُمان بأصدقاء من عُمان، لم نكن نعلم بوجودهم في القاهرة، وسهرنا معًا في حديقة الجزيرة، ثم افترقنا على أمل اللقاء في عُمان، ولقد تواصل معي العديد من الزملاء المصريين من محافظات مختلفة في مصر، يطلبون منَّا زيارتهم ووعدناهم بالزيارة في الأعوام القادمة، فمن يزُر مصر مرة لابد أن يزورها مرة أخرى.

وكان من ضمن برنامج زيارة القاهرة: الصعود إلى برج القاهرة؛ حيث يمكن مشاهدة جمال وروعة القاهرة من أعلى البرج، والتي ينساب فيها نهر النيل فتظهر وكأنها لوحة فنية فائقة الحسن.

وقد زرنا الزميل ضياء معلم اللغة الإنجليزية هنا في عُمان، وهو يقضي إجازته بين أفراد أسرته في القاهرة، والذي أكرمنا غاية الكرم، وأعد لنا مائدة عامرة مما لذ وطاب من المأكولات المصرية، وكذلك تناولنا طعام العشاء في "مطعم كابر" أحد أفضل المطاعم في القاهرة.

وكان ختام جولتنا بزيارة لسور الأزبكية، مكان بيع الكتب، وهو الهدف الرئيسي لزيارة مصر لأسباب نفسية وعاطفية عميقة، وقد اشتريتُ بعض الكتب من سور الأزبكية، ثم رجعنا إلى الإسكندرية عبر محطة رمسيس، ومن الإسكندرية اشترينا هدايا حلويات من "محل الصعيدي" صاحب الشهرة الواسعة، ثم عدنا عبر مطار برج العرب.

كانت رحلة ثقافية وسياحية لا تُنسى.. وتعظيم سلام لمصر العظيمة.