سالم بن نجيم البادي
يقولون إنَّ الكتابة لا تُؤكِّل عيشًا، وهذا القول يدل على عدم استفادة الكاتب مما يكتب في الغالب، وإن كسب فهو كسب زهيد، وفي العالم العربي يعيش الكاتب فقيرًا، كأصحاب دور النَّشر من أجل طباعة كُتبهم، ويموت فقيرًا إلا ما ندر، والتعميم لا يجوز، لكنني أتحدث عمَّا هو شائع ومُتعارف عليه، وإلا فإنَّ في العالم العربي كُتَّاب قد استفادوا ماديًّا من مؤلفاتهم وكتاباتهم المختلفة.
لكنَّ الحديث هنا عن بعض الكتاب الذين يَلهثون وراء أصحاب دور النشر من أجل طباعة كتبهم، وقد يدفعون من أموالهم الخاصة لدور النشر، ثم وبعد الطباعة يتم استغلال الكاتب والاستيلاء على حقوقه المادية، ويبيعون كتبه لصالحهم، ويتلاعبون بالاتفاقية الموقعة بين الكاتب ودار النشر، والمحظوظ من الكُتَّاب من تقوم دار النشر بمنحه نسبة من ثمن كتابه.
وبعض دور النشر تمنح الكاتب نسخا من كتابه وتحتفظ بنسخ تظل تبيعها إلى الأبد، إضافة إلى المبلغ الذي تتقاضاه من المؤلف مقابل طباعة الكتاب، وتترك الكاتب يحاول تسويق كتابه وحيدا دون مساعدة، ويظل يجري من مكتبة إلى أخرى، ومن مكان لآخر، يريد تسويق كتابه، أو يبحث عن من ينشر خبر صدور الكتاب في الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي، وكتابة كلمات ثناء تُرغِّب القراء في قراءة الكتاب، وحبذا لو وجد من يكتب عنه مقالا أو قراءة أو نقدا.
ويُعلن الكاتب عن كتابه بطريقته الخاصة، ولقد مررت بتجربة قاسية حين طبعت أحد كتبي خارج عمان، أعطوني النسخ الخاصة بي، واحتفظوا بنسخ لهم مقابل تخفيض المبلغ المتفق عليه لطباعة الكتاب، كان ذلك في العام 2009، وكُنت حديثَ العهد بطباعة الكتب، ومنذ ذلك العام وهم يبيعون كتابي بما يساوي 10 ريالات عمانية خارج عُمان، ووجدت سعره في معرض مسقط في دورته الأخيرة 8 ريالات عمانية دون أن أحصل منهم على بيسة واحدة منذ ذلك الوقت وحتى الآن.
وأصحاب دور النشر الذين يقومون بطباعة الكتاب في الغالب بعد الطباعة ينسون الكاتب، ويهتمون بمصالحهم الشخصية؛ فلا تسويق للكتاب ولا إعلان ولا اهتمام بالكاتب من حيث التعريف به وبكتابه ودعوته للمشاركة في بعض المناسبات والحفاوة به وتكريمه، أو مساعدته في تسويق كتابه للحصول على عائد مادي.. بعض دور النشر تقوم بدعوة الكاتب لحفل توقيع كتابه في معرض الكتاب ولا شيء غير ذلك، والمؤلف في الغالب مظلوم وحقه مهضوم، ولا توجد جهات رسمية وغير رسمية تهتم بالكاتب إلا فيما ندر.
وقد تقوم بعض الجهات الحكومية بشراء نسخ محدودة دعما الكاتب العماني، وكذلك بعض المؤسسات الخاصة، وأذكر هنا مؤسسة الزبير التي كانت تدعم الكاتب بشراء نسخ من كتبه وتوزعها تشجيعا على القراءة، ولا أعلم إن كانت هذه المبادرة مستمرة حتى الآن أو أنها توقفت.
وحتى جمعيتنا الموقرة التي ننتمي إليها نحن الكتاب، تكتفي فقط بطباعة بعض الكتب التي توافق على طباعتها اللجنة المختصة بإجازة الكتب التي تستوفي الشروط، لكن بعد الطباعة تترك للكاتب توزيع وتسويق كتابه دون دعم مادي يُذكر، وقد نجد لها العذر بسبب ظروفها المادية والنظام المتبع الخاص بها.
ونعود إلى عنوان المقال، فقد اعتدت وضع كتبي في مكتبة السندباد بولاية البريمي، وقد وجدت الترحيب والحفاوة والاهتمام والأمانة من صاحب المكتبة محمد العوفي، ومن الموظفين في المكتبة، خاصة سمير ونزار، وهما من الهند.. يستقبلني صاحب المكتبة في مكتبه بين فترة وأخرى، ويقوم وبكل دقة بجرد حساب مبيعات كتبي، وأخرج من عنده سعيدا، وأذهب إلى أفضل مطعم في البريمي لتناول طعام الغداء، محتفلا بنجاح بيع كتبي، وهذا دليل على قبول الناس لها، ولا أخفي فرحي بحصولي على الريالات، وإن كانت زهيدة.