روبوتات في مدننا وشوارعنا

مؤيد الزعبي *

عندما نتحدَّث عن الروبوتات، وكيف سيكون مستقبل حياتنا في ظل وجودها، يُخيل للبعض بأننا سنعيش في عالم يملؤه الرجال الآليون بشكلهم وبصورتهم كما صوَّرتهم لنا الأفلام؛ رجل مصنوع من الحديد أو البلاستيك ويشبه إلى حد كبير الإنسان بتركيبته الخارجية لكن لديه قدرات خارقة، ولكن هذا ليس صحيحا 100% فالروبوتات باتت تدخل مدننا وشوارعنا ولم يلحظ وجودها إلا عدد قليل من الناس ممن ابتعدوا عن هذه النظرة النمطية، ولذلك دعني عزيزي القارئ أطلعك على شكل الروبوتات الحقيقي وما هو تأثيرها على حياتنا؟ وكيف ستغزو مدننا وسنجدها في كل مكان ولن نستغني عن وجودها في القيام بالكثير من مهامنا اليومية.

كثيرًا ما نشاهد أخبارًا أو فيديوهات منتشرة عن روبوتات تقوم بأمور عجيبة تم اختراعها هناك في الصين مثلًا؛ مطعم يقدم جميع مأكولاته بواسطة روبوتات، أو روبوت يقوم بتجهيز القهوة أو حتى البيتزا، أو روبوت يقوم بقطف الثمار والمحاصيل الزراعية، وهنا يجب أن نتوقف لحظة ونعلم أن الروبوتات ليس بالضرورة أن تكون شكلها على شكل إنسان بجسم حديدي؛ إنما يمكن أن تكون بشكل آلة زراعية أو أي آلة تقوم بأي مهمة تم تصميمها من أجل ذلك.

وفي حياتنا المستقبلية، ستجد سيارات ذكية تقود نفسها بنفسها، أليست هذه السيارة عبارة عن روبوت على شكل سيارة؛ نعم روبوت تم تصميمه ليتناسب مع المهمة التي نريدها منها، والسيارات المستقبلية ستديرها كمبيوترات عديدة تتفاعل فيما بينها وتتواصل مع غيرها من السيارات لتسير نفسها في الطريق، وبالنسبة للطرق فهي أيضًا ستكون موصولة بكمبيوترات تحدد شكلها وتفاصيلها وتنبيهاتها وتُعرف السيارات بمخاطر معينة أو تعرفهم على شكل الطريق ومساره وإلى أين يتجه وما هي مواصفاته والسرعة المقررة له، وهذا كله أليس عبارة عن روبوت كبير تم تصميمه ليكون قادرًا على إدارة حركة المرور وتنظيمها.

الروبوتات المستقبلية يمكن أن تكون بناية كاملة أو حتى غرفة تقوم بملايين العمليات الحسابية لتسهل من حياتنا في جانب معين، فمثلًا يمكن أن تجد روبوتات متخصصة في إدارة موانئ فمثلًا تقوم العديد من الموانئ العالمية بجميع عمليات التحميل والتفريغ بطريقة آلية دون تدخل بشري، وتم تصميم روبوتات على شكل رافعات تقوم بتفريغ وتحميل السفن بالحاويات وبشكل منتظم ودقيق، أو حتى ممكن أن تجد روبوتات متخصصة لإدارة مخازن ضخمة وهذا النوع بدأ بالانتشار فعليًا وبشكل كبير في العديد من الشركات العالمية، ولو دخلت لمنشأة توصيل أو شحن حديثة ستجد الروبوتات في كل مكان تحمل الشحنات وتضعها في أماكنها المحددة لتجهزها لعمليات التوصيل، ويمكن أن تجد روبوتات على شكل طائرات درونز تقوم بتوصيل هذه الشحنات لأماكنها، ولا تستبعد أن تجد روبوت على شكل كلب أو حتى حيوانك المفضل يقوم باستقبال شحناتك ويضعها لك في المنزل.

وعندما نتحدث عن أن الروبوتات ستغزو مدننا، فنحن لا نقصد أيضًا تلك الصورة النمطية بأن تقوم مجموعة كبيرة من الروبوتات الحديدية بالسيطرة على مدينة معينة إنما نقصد بأن تكون المدينة بأكملها تُنظم الروبتات والتقنيات الحديثة جميع أمورها، وهذا جانب أخر من تطبيقات الذكاء الاصطناعي الذي نتحدث عنه بأن تكون هذه التقنيات على شكل برمجيات مهمتها التحليل واتخاذ القرارات المناسبة أو حتى توفير معلومات طارئة للاستجابة السريعة أو تقوم بإدارة قطاعات ضخمة داخل مدننا مثل النقل والصحة والبيئة.

حتى عندما نتحدث عن بيوت المستقبل فسنجد الروبتات حاضرة في كل كبيرة وصغيرة داخل بيوتنا المستقبلية، فكل شيء داخل المنزل سيدار أو يقوم به روبوت معين أو تقنية ذكية قادرة على القيام بمهامات معينة، ولحسن حضك عزيزي القارئ لو تطورت هذه التقنيات سريعاً ستعيش حياة الملوك في منزلك الذكي، وستقوم الروبوتات بتوفير الكثير من وسائل الراحة والمتعة في كل ركن وغرفة في بيتك، ستفتح لك النوافذ في الصباح، وستتحكم بدرجات الحرارة المناسبة لك، وستشغل لك الموسيقى المفضلة، وستساعدك في جميع الأمور البيتية، وستُعد لك طعامك المفضل، وهي من ستقوم بالاتصال بالسوبر ماركت وتقوم بطلبيات المستلزمات بناءً على حاجتك وحاجة أسرتك.

قد يخطُر في بالك وتقول بأن هذا يعني أن الروبوتات بشكلها النمطي "الرجل الحديدي" لن نجدها في مدننا وشوارعنا؛ وهذا أيضًا خطأ، فنحن سنجد روبوتات كثيرة في شوارعنا مستقبلًا، سنجدها تبيع الورد في الطرقات، وبعضها يقوم بالعزف أو يستقبلك على باب مطعم، أو حتى نجدها تساعدك في محلات الألبسة والأحذية، ولا أستبعد أن نجدها تستقبلك في محالات المكياج أو حتى في الصالونات وتقوم بوضع المكياج المناسب لك وبشكل احترافي، وسنجدها في مراكز التدليك والمساج، وسنجدها تخدمك في المستشفيات وتقدم لك نوعًا من الرعاية الطبية، وسنجدها كلبك المفضل الذي يمشي ويتمشى معك في الصباح، وسنجدها من تحظر لك قهوتك عند عودتك للمنزل بعد أن تقوم بتنظيفه وترتيبه، وسنجدها سائقًا أو بائعًا أو حتى خبازًا، وربما نسيت أن أخبرك أنه من الممكن أن نشاهد روبوتات لا تستطيع تفريق شكلها عن شكل الإنسان الحقيقي فهناك اتجاه لتصنيع روبتات شكلها الخارجي قريب من أشكالنا، وتتصرف وتعبر عن أحاسيسها ومشاعرها وتتفاعل كما لو كانت إنسان.

عندما نتحدث عن إمكانيات الروبوتات المستقبلية وتقنيات الذكاء الاصطناعي فيجب أن نترك الباب مفتوحا على مصراعيه، فنحن أمام ثورة ستغير كل شيء وتدخل جميع القطاعات، ولا تستغرب إن أخبرتك بأنك ستقرأ مقال رأي مثل هذا كتبه روبوت في قادم الأيام.

 

* المنسق الإعلامي ومنتج الأخبار لصالح مجموعة الصين للإعلام الشرق الأوسط