التعليم بين مطرقة التمكين وسندان التطوير

أصيلة الحبسية

لا شكَّ أنَّ التعليم هو أساس رُقي الأمم والحضارات؛ فلا تُوجد أي حضارة ما لم يكن هناك نظام تعليمي ناجح. و لا يخفى علينا كيف تسعى كافة الدول في أنحاء العالم -سواء المتقدمة منها أو النامية- إلى إحداث تغييرات جذرية ومستمرة في نظام التعليم؛ ابتداءً من مرحلة طفل ما قبل المدرسة، وصولاً إلى المرحلة الجامعية، ولكن الفارق الجوهري الذي يُميِّز دولة عن أخرى هو آلية التطوير التي تنتهجها لتحقيق نظام تعليمي ناجح وفعال ومتميز.

وتأتي أُولى خطوات هذا التغيير في النظام التعليمي في تصحيح المسار العلمي والمعرفي لدى الطلاب، والذي يتمثَّل في تأسيس المناهج الدراسية التي ينبغي أن تعكس اهتمام الطلاب وميولاتهم، مع مراعاة ثقافة المجتمع وحضارته العربية والإسلامية التي يستمدُّ منها كافة أنماط حياته: الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. ولا تتحقَّق هذه الخطوة إلا بتأهيل الفريق المسؤول عن إعداد المناهج العُمانية وتدريبه على إعداد مناهج تتماشى مع قدارات الطلاب ومراعيةً للفروق الفردية بينهم، كما يجب أنْ تبتعد عن المناهج التقليدية التي تعتمد على الحشو والتلقين في العملية التعليمية.

أمَّا المرحلة الثانية لإعداد نظام تعليمي متميز وفعال، فتتمثل في تأهيل وإعداد المعلم الذي يقود عجلة النظام التعليمي لإحداث التغيير والتطوير المنشود؛ فمتى وُجِد المعلم المتمكن والمثابر، وُجد الطلاب الناجحون والمنتجون، وتتمثل هذه الخطوة في تمكين المعلمين بشكل يتماشى مع طبيعة العمل المكلف به وعدم تكليفه بمهام تحول دون تحقيق رسالته الحقيقية وهي رسالة التربية والتعليم، ولا ينبغي تكليفه بمهام أخرى من إشراف خارج نطاق الحصص والمهام الدراسية وإعداد خطط إدارية تتعلق بالأنشطة الفنية والإدارية التي لا تَمُتّ بصلة إلى طبيعة عمله ومهامه التربوية؛ الأمر الذي يُؤثر سلبًا في إنجاح التغيير والتطوير بالنظام التعليمي.

وتأتي بعد مرحلة تمكين المعلمين مرحلة تمكين الطلاب من المناهج الدراسية الحديثة والمقتبسة من مناهج الدول المتقدمة كمنهج كامبريدج، وهو أحد أميز المناهج الدراسية عالميًّا، وتعد هذه خطوة فاعلة في تطوير المناهج، وهو منهج المحاكاة، ولكن يجب مراعاة مستوى الطلاب ومراعاة الفروق الفردية بينهم.

كما يجب تنفيذ بعض البرامج والورش التدريبية للطلاب بشكل كافٍ ومراعٍ للبيئة والثقافة المحلية.

وختامًا.. إنَّ التعليم هو الاستثمار الحقيقي لتحقيق القوة الاقتصادية المستدامة؛ فمتى توافر نظام تعليمي ناجح ومبني على خطط وبرامج ومراحل ممنهجة ومدروسة، وجد الرقي والتطوير المنشود في النظام التعليمي، ولا يتأتَّى هذا التمكين والتطوير إلا بتكاتف الجهود من كافة الجهات المسؤولة عن النظام التعليمي.

تعليق عبر الفيس بوك