د. أحمد عبدالكريم عبدالله
العدل نهج إلهي، وبه تستقيم الحياة ويسود الحق وينعم الجميع على حد السواء بالسعادة والرضا مهما اختلفت مستوياتها المعيشية أو ظروفها الاقتصادية، وهو قيمة أخلاقية عظيمة لا يستقيم حال أي أمة أو شعب إلا به.
بالعدل يعم الأمن والأمان وينتشر الهدوء والاطمئنان ويُقطع دابر الفساد والمفسدين ويُردع البغاة والمعتدين والظالمين وأعوانهم، فيكثر الخير ويتسع الرخاء وينمو الإقتصاد وتزيد الموارد التي بها تقضى حاجات البلاد ومواطنوها.
والقضاء هو الحكم والفصل والحاسم في المنازعات والخلافات، به ومن خلاله يعلو الحق وينتصر. كما لا تتقدم الشعوب وتتطور أو يحدث لها أي تحول حقيقي ونمو اقتصادي وتكنولوجي أو تتوسع رقعة الإستثمارات المحلية والخارجية وتزيد من تدفقاتها إلا من خلال القضاء العادل والقائم على القوانين والأنظمة والتشريعات السائدة دون معيق أو تدخلات.
يقول الله عز وجل: " وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ" ويقول كذلك: "وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ"، وفي آية أخرى: "وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ" صدق الله العظيم.. كل هذه الآيات وغيرها تحثنا وتأمرنا على إحقاق الحق وتوثيق العدل لما لذلك من نعمة عظيمة وخير عميم لا يتحقق إلا بفرض العدل والقضاء النزيه في المجتمع. ولنا في ديننا القويم وشريعتنا السمحاء وتراثنا العربي والإسلامي البرهان البيّن والدليل الواضح على الفوائد العميمة لنزاهة القضاء وبسط العدل.
ومن خلال النظرة العميقة والرؤية الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المفدى -حفظه الله ورعاه- وتوجيهاته السامية لدى ترؤس جلالته لأول اجتماع للمجلس الأعلى للقضاء الذي يأتي في ظل الاهتمام السامي بتطوير القضاء بعد صدور المرسوم السلطاني رقم 35 / 2022 بشأن تنظيم إدارة شؤون القضاء، وتأكيده على المضامين التي حملها هذا المرسوم بما يتوافق مع نصوص النظام الأساسي للدولة وأهداف رؤية "عُمان 2040"، وإلى أهمية تعزيز التكامل بين جميع الجهات القضائية من جهة وبينها ووحدات الجهاز الإداري للدولة بما يحقق المصلحة العامة، وكذلك توجيه جلالته -حفظه الله- باتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة لتعديل القوانين والمراسيم السلطانية ذات الصلة بالقضاء بما يتفق وأحكام المرسوم السلطاني المذكور آنفاً، وكذلك إشارته -حفظه الله- إلى أهمية الاستمرار في تطوير عمل المنظومة القضائية وحوكمة إجراءاتها بما يتواكب مع توجه الحكومة في التحول الرقمي ووفق محاور وأطر رؤية "عُمان 2040" لتحقيق الأهداف المنشودة لنهضة عمان المتجددة.
حفظ الله عمان وقائدها المفدى وشعبها الوفي وزادها من خيره وحقق لها النمو والتقدم والازدهار الدائم في كل المجالات التنموية والحياتية.