السياحة البيئية في عُمان

السياحة البيئية في عُمان

 

سالم البادي (أبومعن)

 

باتت السياحة بشتى أنواعها وأشكالها وتصنيفاتها ركيزة أساسية في كل اقتصاديات العالم، وفي كل مكان وزمان، بل وأصبحت محط اهتمام السياسيين والاقتصاديين في خططهم التنموية، ودراساتهم الاستراتيجية المستقبلية؛ فقد أصبح قطاع السياحة رافدا مهما من روافد اقتصاد أي دولة في العالم.

حيث نما وتطور وازدهر قطاع السياحة في العالم الغربي بشكل كبير في العقود الماضية، وتلتها السياحة في شرق وجنوب القارة الآسيوية، وتطورت السياحة إلى حد كبير في الشرق الأوسط خلال الحقبة المنصرمة.

وتوجد أنواع كثيرة من مقاصد السياحة في العالم؛ منها على سبيل المثال: السياحة الطبيعية، الرياضية، العلاجية، التعليمية، الثقافية، الترفيهية، حتى ظهر في العالم مصطلح جديد من السياحة العالمية، ألا وهو السياحة البيئية؛ حيث كانت بداية ظهورها في كندا والقارة الأمريكية الشمالية.

وتتمتع سلطنتنا الحبيبة عمان بتنوع تضاريسي بيئي ثري جدا وغني بأنواعه وأشكاله المختلفة؛ حيث توجد البيئات الطبيعية الخلابة، والتي تتفاوت بين الجبال والمرتفعات والسهول والوديان والصحاري والسواحل والشواطىء الجميلة المتميزة بألوانها المختلفه التي تأسر ناظريها ومرتاديها. وقد أدى هذا التنوع البيئي في السلطنة بدوره إلى تنوع مناخي وبيولوجي يعد فريدا من نوعه ومتميزا في شبه الجزيرة العربية بشكل خاص، والشرق الأوسط بشكل عام.

لذا وجب الاهتمام بهذا القطاع الحيوي من قبل المسؤولين والمعنيين لما يمثله هذا القطاع السياحي البيئي كرافد اقتصادي كبير لخزينة الدولة، علاوة على  الدور المهم الذي سيلعبه هذا التنوع البيئي في صناعة السياحة والرؤى المستقبلية للسلطنة.

وتتمركز السياحة الطبيعية "البيئية" في سلطنة عمان في مكونات طبيعية منها: البيئة البحرية؛ حيث تزخر عمان بمواقع بحرية تتميز بالتنوع الأحيائي، ويظهر ذلك من خلال الموقع الاستراتيجي للسلطنة من رأس مسندم إلى محافظة ظفار. ويوجد في نيابة رأس الحد بولاية صور في محافظة جنوب الشرقية، موطن لمجموعة من السلاحف المحلية علاوة على السلاحف المهاجرة؛ فأصبح الموقع يرتاده السياح للاستمتاع بمشاهدة السلاحف من تحت الماء أو هي على الشاطىء، والاستمتاع برؤيتها أيضا؛ وهي تضع بيضها عند المساء.

وهناك مواقع أخرى على سواحل السلطنة بالإمكان مشاهدة الدلافين وهي تظهر بين الحين والآخر في سواحل السلطنة مُشكّلة لوحة جميلة جدا تسحر ناظريها.

وتزخر السلطنة أيضًا بمجموعة من الجزر البحرية المنتشرة بطول سواحل السلطنة، والتي تزخر بالكثير من الأنواع المختلفة من المواقع الطبيعية الجميلة، وأنواع كثيرة من الأسماك والشعب المرجانية التي تتميز بها سواحل سلطنة عمان.  وأُطلق على هذه الأماكن "محميات طبيعية" وصنفت كمواقع "سياحية بيئية" بحرية.

وهناك البيئة الجبلية؛ إذ تتميز جبال السلطنة بتضاريس فريدة من نوعها لما تمتاز به من موارد طبيعية بيئية؛ حيث تبرز المناظر الطبيعية الخلابة مدعو بالحياة البرية.

وتزخر هذه البيئة أيضًا بنباتات وأشجار متنوعة وموسمية بشتى أنواعها من أعشاب طبية وفواكه وخضراوات وغيرها من النباتات الطبيعية. وتتصف أنشطة السياحة البيئية في الجبال بشيء من المتعة والمغامرة؛ حيث تقام رياضة تسلق الجبال، والمشي، واكتشاف المغارات والكهوف، وتتبع مجاري الأودية للوصول لمناطق ذات طبيعة خلابة.

وتمتاز السلطنة بالأفلاج الطبيعية والتي يكون مصادرها من الجبال والعيون والأودية، علاوة على انتشار مياه العيون الطبيعية؛ الساخنة منها والدافئة، والتي تستعمل بعضها للعلاج.

كما تعد الصحاري إحدى أهم المواقع السياحية البيئية في السلطنة، ومن أهمها صحراء رمال الشرقية وصحراء الربع الخالي، وغيرها التي يمكن من خلالها الاستمتاع بمشاهدة النجوم ليلاً، والمشي في كثبان الرمال الذهبية، عوضا عن ممارسة رياضة الدراجات والسيارات، والاستمتاع برحلات التخييم الشبابية وغيرها.

لا شك أن السياحة البيئية لها آثار وتداعيات إيجابية مباشرة على الدولة، ومنها ازدهار العديد من القطاعات الاقتصادية مثل: الزراعة التي تستفيد من جودة التربة ووفرة المياه، وتزخر مصادر الصيد بوفرة الأسماك. وكما هو معلوم أن النمو في قطاع السياحة تدعمه أيضا الأصول الطبيعية؛ كالشواطئ النظيفة، والمناظر الطبيعية الخلابة والحياة البرية الغنية، والصحاري الذهبية الجميلة، وتطور وسائل وتقنيات الزراعة والصيد.

وقد برزت السياحة بشكل عام كمحرك للنمو للعديد من دول العالم؛ فقد تم الاهتمام بتطوير مناطق السياحة الطبيعية، وتحسين البنية التحتية والخدمات في البلدان النامية.

إن السياحة الطبيعية البيئية في هذا القطاع تتيح للدول إمكانية تحسين إدارة أصولها الطبيعية، كما إنها تشجع على جذب السياح لدعم النمو، وتعمل على زيادة فرص العمل خاصة في المناطق الريفية.

ومما تقدم ذكره فإن رغبنا أن تكون لدينا سياحة بيئية ناجحة، فينبغي أن يكون لدينا تخطيط سليم جيد للسياحة، وتهيئة للبنية الأساسية للسياحة بعناية تامة، وبطرق متطورة حديثة تواكب العصر، وتنفيذ ذلك بطريقة تصون قيمة الأصول الطبيعية، بمعنى آخر يجب أن تكون السياحة مستدامة؛ كي تكون جذابة ومربحة على المدى الطويل.

تعليق عبر الفيس بوك