الاستثمار في بلاد القرنفل

 

 

حمود بن علي الطوقي

 

لم يكن لقاء فخامة سامية صولوحو حسن رئيسة جمهورية تنزانيا المتحدة، مع رجال الأعمال العمانيين ونظرائهم التنزانيين لقاءً عابرًا؛ بل حمل مدلولات عن الرغبة الأكيدة للحكومة التنزانية بفتح ومد جسور التعاون مع سلطنة عمان، وقد تشرفتُ بحضور هذا اللقاء الذي اتسم بصدق المشاعر، وقد لمستُ ذلك خلال لقاءات التعارف بين رجال الأعمال بين البلدين.

فخامة الرئيسة سامية صولوحو حسن ظهرت في هذا اللقاء كسيدة تحمل في جنباتها مشاعر الحب لأبناء عمان، فألقت كلمتها بكل أريحية داعيةً أبناء عمان إلى الاستفادة من الامتداد التاريخي والحضاري الذي يربط البلدين، من خلال إقامة المزيد من المشاريع المشتركة؛ بهدف دعم ورفد العلاقات الاقتصادية والاجتماعية لرسم خارطة طريق جديدة بناءً على خلفية العلاقات التاريخية المتجذرة والمستمرة بين البلدين.

فخامتها في كلمتها المُركّزة، وضعت الكرة في مضرب العمانيين، وقالت لهم بلغة ملؤها الاحترام: "ننتظركم في تنزانيا، وسوف نفتح لكم كل السبل من أجل أن نرى استثمارات عمانية، وسوف نبذل المزيد من الجهود من قبل الجانبين، فالوقت لا يسعفنا، وعلينا أن نستفيد من القوانين المشجعة لزيادة حجم التبادل التجاري والاستثماري، في قطاعات مختلفة مثل: الزراعة والمعادن والسياحة والأسماك واللوجسيتيات".

حقيقة الأمر أن رجال الأعمال من البلدين خرجوا بعد سماع كلمة الرئيسة التنزانية وكلمة معالي قيس بن محمد اليوسف وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار بتفاؤل كبير، وانطباع جيد بأن البلدين عازمان على توجيه البوصلة نحو كل ما من شأنه تحقيق الرؤية المشتركة لبلوغ هذه التطلعات، وعلى هذا الأساس، تم التوقيع على هامش هذه الزيارة التاريخية 10 مذكرات للتفاهم في مجالات الطاقة والمتاحف الوطنية والتعليم العالي والتدريب وإدارة المطارات والخدمات النفطية والحيوانات الحية واللحوم والاستثمار في الأمن الغذائي والترويج والاستثمار والصناعة والتجارة والسياحة والموارد الطبيعية.

علينا الآن- حكومةً وقطاعًا خاصًا- أن ندعم هذا التوجه، ونستفيد من وجود أكثر من 65 مليون نسمة، وهو عدد سكان تنزانيا الاتحادية، كما إن مساحتها نحو 950 ألف كيلو متر مربع ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي حسب الاحصاءات الرسمية نحو 62 مليار دولار، ومعدل نمو يصل إلى 2%. وهذه الأرقام والمعطيات تؤكد أنه لا مجال للتخاذل وتضييع الفرص؛ بل علينا اقتناص الفرص، خاصة أننا الأقرب لهم بسبب الإرث الحضاري والتاريخي والثقافي التي تعطينا الأحقية في الاستفادة من معطيات هذا البلد العريق.

علينا أن نضع كل المعطيات بأن هذه الفرصة جاءت لنا على طبق من ذهب، ويجب أن تُستغل، ونحصد فعليًا ما تم إبرامه من اتفاقيات مباشرة وعلى الجهات المعنية وضع أجندة لمتابعة كل ما تم التوقيع عليه في مسقط ومحاسبة من يتسبب في تعطيل تنفيذ هذه الاتفاقيات. علينا أن نتذكر أن عمان وامبراطوريتها التي امتدت قديمًا إلى القرن الافريقي ودول البحيرات العظمى قامت بزراعة شجرة القرنفل في أرخبيل زنجبار، إبان الحكم العماني هناك، وذلك في بداية القرن التاسع عشر في عهد السيد سعيد بن سلطان سلطان عمان وزنجبار، وهو أول من زرع هذه الشجرة لتظل رمزًا لزنجبار، كما هو الحال بالنسبة لشجرة اللبان التي تعد رمزًا لسلطنة عمان، فهل آن الأوان للاستثمار في بلاد القرنفل ليعود النفع والخير على كلا الشعبين كما كان الحال سابقًا؟