إعادة النظر في التأشيرة السياحية

 

 

حمود بن علي الطوقي

 

يبدو لي أنَّ التأشيرة السياحية التي تسمح بدخول رعايا نحو 100 دولة إلى سلطنة عُمان من خلال الحصول عليها مُباشرة فور وصولهم إلى السلطنة، تحتاج إلى إعادة نظر من قبل الجهة المانحة؛ بسبب سوء استغلال بعض من هؤلاء القادمين إلى بلادنا لهذه التأشيرة لأغراض بعيدة كل البعد عن الهدف الأساسي من منحهم هذه التأشيرة، وهو غرض السياحة.

إذ إنهم فور وصولهم إلى أرض الوطن الذي يُرحِّب بالجميع، يبدأ هذا الزائر في البحث عن وظيفة وطرق الأبواب ومزاحمة الباحثين عن العمل، وما يزيد من الطين بلة أن هؤلاء يتحوَّلون إلى متسولين يطرقون الأبواب وينتشرون في المجمعات التجارية يطلبون المساعدة. هذا الأمر وهذه المشاهد تتكرر وأصبحت واضحة للعيان، من خلال استغلال فترة إقامتهم في السلطنة من أجل التكسب والعمل. وقد لاحظتُ ذلك مع انطلاق معرض مسقط الدولي للكتاب؛ حيث استغل هؤلاء الزوار فترة إقامتهم لطلب العمل كعارضين في المعرض مقابل أجر يومي. كما يطرق هؤلاء أبواب الشركات والمطاعم ومحلات البيع بالتجزئة من أجل الحصول على العمل ولو بأجر زهيد حتى موعد انتهاء فترة التأشيرة، ومن ثم يُجدِّدون التأشيرة أو يسافرون ويعودون من جديد ويتكرر نفس السيناريو.

هؤلاء الذين يأتون تحت زعم السياحة لا تستفيد منهم الدولة؛ بل قد يمثلون عبئًا، ويجب وضع شروط صارمة للسماح لهم بدخول الأراضي العمانية، فكما هو معلوم أن معظم الدول تضع شروطًا مقابل الحصول على التأشيرة من بين هذه الشروط وجود حجز في أحد الفنادق مع توفر رصيد مصرفي للسائح بالإضافة إلى تذكرة العودة. هذه الشروط يجب أن توضع في الاعتبار كشرط أساسي لكل من يرغب في زيارة بلادنا الحبيبة.

أما ما نراه ظاهرا للعيان من انتشار المئات من هؤلاء من الجنسين يأتون بهدف البحث عن عمل، لذا يجب غلق هذا الباب كليًا؛ لأن المضار من وجودهم أكبر من المنافع المتوقعة، فلن تستفيد البلد من وجودهم؛ بل تتحمل الكثير أثناء تواجدهم.

ونأمل من الجهات الحكومية أن تراقب الوضع، لأنه أصبح مقلقًا ولا بُد من وضع حد لهذا النوع من التأشيرات التي يُساء استغلالها. وكثير من الأحيان نقرأ في الأخبار أنَّ الشرطة استوقفت مجموعة من النساء وعدداً من الرجال بتهمة الإخلال بالأخلاق والآداب العامة ومخالفة قانوني العمل وإقامة الأجانب في محافظات مختلفة، وأغلب هؤلاء كانوا قد دخلوا البلاد بتأشيرة سياحة، وهنا نجد تبعات كبرى مثل الاتجار بالبشر وإلحاق أضرار بالمجتمع. في المقابل، هناك سياح حقيقيون من جنسيات متعددة يأتون إلى بلادنا وتنطبق عليهم الشروط، ويستأجرون السيارات ويتجولون في الأسواق والأماكن السياحية، ويسكنون في الفنادق، ولديهم برنامج سياحي متنوع، ولا شك أن هؤلاء مُرحب بهم؛ لأنهم يعرفون مكانة السلطنة كوجهة سياحية تستحق الزيارة لتنوع المقومات السياحية فيها.

علينا أن ندرك أن السياحة غير المسؤولة لا تجلب لنا إلّا المشكلات، ونحن في غنى عنها؛ إذ لا نُريد أن نرى أجنبيًا دخل البلد تحت زعم "السياحة" لكنه يطرق الأبواب ويمارس التسول أو الأعمال المنافية للآداب، أو أنه لا يجد مكانًا ينام فيه، لأنه لا يملك ثمن الإقامة وينام في الحدائق العامة وعلى الأرصفة داخل الأحياء السكنية، وهذا النوع لا يجب أن نسمح بدخوله.

الأرقام والمؤشرات التي ينشرها المركز الوطني للإحصاء والمعلومات تكشف أن أعدادًا كبيرة من الزوّار دخلوا السلطنة بهدف السياحة، لكن الأرقام لا تنعكس على الواقع السياحي، والتطور الذي ننشده، ومن هنا فإنَّ الضرورة تفرض على كل الجهات المعنية أن تعزز من الشروط الصارمة التي تضمن جدية الزائر وغرضه في السياحة الحقيقية التي تثري لا التي تُضيف إلينا أعباءً اقتصادية واجتماعية.