خليل بن عبدالله الخنجي
الرئيس الأسبق لغرفة تجارة وصناعة عمان
تشكلت اللجان القطاعية حسب أنواع الأنشطة الاقتصادية التي تم اعتمادها من خلال أعمال الندوة الأولى لتشغيل القوى العاملة الوطنية التي أقيمت في العام 2001، على هامش المخيمين السلطانيين الساميين في كلٍ من ولايتي صحم وعبري؛ وذلك من أجل الوقوف على تحديات قطاعات الإنتاج من صناعة وزراعة وسياحة وبقية الخدمات، حسب مسميات اللجان المختصة بغرفة تجارة وصناعة عمان، وقد تم تعيين وكلاء الوزارات أو من في حكمهم ومستواهم على رأس عمل كل لجنة قطاعية، بعضوية مختصين من القطاعين العام والخاص، وممثلين عن العمال. وقد أسهمت تلك اللجان -فيما بعد- في الإعداد لندوة التشغيل الثانية في العام 2003، والثالثة في 2005، وندوة سيح الشامخات في 2013.
سياسة التعمين في عمان جاءت مبكرة منذ العام 1970؛ حيث لبّت التوجيهات السامية رغبة المواطنين في حماية بعض القطاعات والمهن مثل: قطاع الثروة السمكية وقطاع نقل الأفراد ومهن أخرى، أراد المواطن المحافظة عليها لما فيها من عوائد مجزية، وقد نجحت سياسة التعمين في تلك القطاعات والمهن بكل إتقان؛ لتُضاف قطاعات وأنشطة ومهن أخرى مستحدثة خلال عقود النهضة؛ ملبيةً الضرورات الطبيعية التي أوجدها التصاعد المتواصل للعمالة الوافدة في منشآت ومصالح القطاعين العام والخاص والطفرة العمرانية والتجارية والصناعية وما صاحبها من أنشطة.
وكانت المبادرة بإنشاء اللجان القطاعية المشتركة برئاسة أصحاب السعادة وكلاء الوزارات ذات الاختصاص، وكان لها دور فعّال في تنظيم العمل في الأنشطة الاقتصادية؛ حيث ساهمت في توفير البيانات الإحصائية الدقيقة عن القوى العاملة بوجه عام ومتابعة نسب التعمين ومراجعتها، وأخذ المبادرة للنهوض بالموارد البشرية الوطنية من حيث التدريب في كليات ومعاهد التدريب المهني والتقني الخاص والعام والتدريب على رأس العمل في المؤسسات والشركات، والمبادرة في إنشاء مراكز ومعاهد جديدة تتناسب والأنشطة المستحدثة والمتخصصة، ومبادرات متعددة في كل قطاع.
وواصلت اللجان القطاعية أعمالها برئاسة ممثلي القطاع العام، حتى صدر قرار مجلس الوزراء، حسب طلب القطاع الخاص ممثلًا في غرفة تجارة وصناعة عمان، في العام 2011، بإعادة تشكيل تلك اللجان برئاسة ممثلين من أصحاب الأعمال؛ بدلاً من وكلاء الوزارات، أسوة بكثير من الدول منها: ألمانيا كنموذج يحتذى به؛ حيث يترأس أصحاب الأعمال اللجان القطاعية من باب "أهل مكة أدرى بشعابها"، إضافة إلى تشكيل لجنة إشرافية عليا برئاسة وزير القوى العاملة (آنذاك) وعضوية كل من وزير التجارة والصناعة ورئيس غرفة تجارة وصناعة عمان ورئيس الاتحاد العام لعمال سلطنة عمان، ورؤساء اللجان القطاعية ممثلي القطاع الخاص. وتضمن القرار تركيز عمل اللجنة الإشرافية على 12 لجنة قطاعية؛ وهي كالتالي: الإنشاءات، والنفط والغاز، والبيع والتوزيع، والصناعة والتعدين، والسيارات، والكهرباء، والوساطة المالية والبنوك، والنقل والاتصالات، والتعليم، والصحة، والزراعة وصيد الأسماك.
وتتلخص مهام اللجنة الإشرافية في رسم السياسات العامة لتطوير سوق العمل والتدريب والتشغيل لتحقيق أهداف التعمين بما يتناسب والنمو الاقتصادي المستدام في سلطنة عمان وأهمية تلبية احتياجات القطاع الخاص للقوى العاملة بمختلف مستوياتها وبتنوع مهاراتها وتخصصاتها ووضع المقترحات لإعادة هيكلتها كلما تطلب الأمر والتنسيق مع الجهات المختصة؛ من أجل تحديد الخطوات والإجراءات اللازمة لتنفيذ خطة كل قطاع للتعمين لأجل التشغيل المستدام، واستقرار العمالة الوطنية في القطاع الخاص؛ حيث باشرت تلك اللجان أعمالها فور الإعلان عن تعيين رؤسائها من قبل غرفة تجارة وصناعة عمان وذلك بعمل دراسات دقيقة بكل قطاع. واستنتجت من خلالها عن قرب نقاط القوة والضعف لكل المهن التي قد تحتاج لمزيد من التدريب من أجل التشغيل.
إن الدور الذي لعبته اللجان القطاعية ذات التمثيل الثلاثي مهم جدًا في التنسيق المسبق بين أطراف الإنتاج؛ من أجل الوقوف على تحديات القطاعات الاقتصادية، والمتطلبات اللازمة لتحقيق ذلك، من تدريب عملي وعلى رأس العمل، فضلا عن دراسة جدوى كل قطاع وتحمله لمزيد من الأعباء في ظل المنافسة الشرسة من الأسواق المجاورة والإقليمية والدولية، إلى جانب اقتراح مناسب لاقتصاد مستدام. واندماج أطراف الإنتاج الثلاثة في بوتقة واحدة ضروري جدًا، ولكن أعمال اللجان القطاعية برئاسة أصحاب الأعمال توقفت بنهاية العام 2020، وعلى المعنيين من القطاعين الدفع بإعادة هيكلتها وتشكيلها وتشغيلها؛ بما يتناسب والظروف المستجدة للاقتصاد الوطني ورؤية "عُمان 2040".