إلا رسول الله

 

د. خالد بن حمد الغيلاني

Khalidalgailni@gmail.com

@Khalidalgailani

 

يبدو أنَّ العالم لا يُدرك بعد أن لسيدنا وحبيبنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلة عالية ومكانة عظيمة ومحبة دونها ترخص الدماء، ومن أجلها يغضب المسلمون غضبة من لا يروم السلامة، ولا يخشى الندامة، ولا يقف إلا على صدر كل من يمس المصطفى صلى الله عليه وسلم ولو بهمسة يهمس بها في جوف ليل مظلم إلى نفسه.

حينما طلبت قريش من سيدنا حسان بن ثابت شاعر الرسول قبل إسلامه أن يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم مُقابل أعطية من المال؛ ما كان منه حينما رأى وجه الحبيب إلا أن أسلم وقال في قصيدة منها:

لما رأيت أنواره سطعت // وضعت من خيفتي كفي على بصري

خوفاً على بصري من حسن صورته // فلست أنظره إلّا على قدرِ

روح من النور في جسم من القمر // كحلية نسجت بالأنجم الزهرِ

صدقت يا ابن ثابت فمقام رسول الله صلى الله عليه وسلم رفيع، دونه يقصر الوصف وتعجز الكلمات، أو ليس هو الصادق المصدوق، صاحب الحوض، أو ليس هو من صلى بالرسل والأنبياء إماما، ووصل إلى حيث لم يصل أحدٌ كرامة له من رب العالمين.

أو ليس هو النبي الخاتم والرسول الأعظم الأكرم، أو ليس هو خير شافع ومشفع، أو ليس هو المبعوث رحمة للعالمين وهدى ونورًا للبشرية جمعاء، أو ليس هو "الحبيب الذي ترجى شفاعته لكل هول من الأهوال مقتحم".

إنَّ ما أقدم عليه هذا الشخص من تجاوز وقدح في رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأم المؤمنين؛ أمنا عائشة؛ لهو أمر لا يمكن السكوت عنه، وتجاوز للخطوط الحمراء لا تهاون ولا تخاذل معه، وهو صفعة في جبين الأمة لا يصح تجاهلها أو نسيانها، وإنه تجرأ جراءة يعلم عواقبها فتجاهلها، ويدرك أثرها فتجاوزه، ويرى من خلال تصرفه المشؤوم، ومسلكه المشين، وأفعاله الشيطانية؛ أننا أمة لا يهون عندها رموزها وأعلام دينها، وكيف ذلك يكون؟!

يا هذا إن كنت تعلم وإن كنت لا تعلم هذا محمد بن عبدالله رسول الله؛ محبته إيمان، والدفاع عنه ركن لا ينفصم من أركان الإسلام، فوالله لأنت وألف أنت، ومليون أنت، ومليار أنت أهون عندنا من شسع نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

يا أمة الإسلام شرقًا وغربًا، شمالًا وجنوبًا، لا خير فينا ولا رجاء منّا إن لم ننصر رسولنا، يا أمة الإسلام لا خير في طعام نطعمه وشراب نشربه إن لم ننصر رسولنا، يا أمة الإسلام لا خير في ولد ولا سلف ولا خلف إن لم ننصر رسولنا، يا أمة الإسلام إن عزنا لا يكون إلا بالذود على حياض نبينا صلى الله عليه وسلم، وهذا الذود يتطلب أن يقوم كل بدوره وواجبه.

إنَّ ما يقوم به البعض من دعاة التطرف الفكري والإرهاب العالمي بالإساءة إلى رموز الإسلام والمسلمين يأتي في إطار حملة ممنهجة وسعي مذموم للنيل من الإسلام وأهله، وهذا نتاج الانتشار الكبير لهذا الدين العظيم بين ربوع المعمورة واتباع الكثيرين له ودخولهم فيه.

لقد أصبح لازمًا على أهل الإسلام إعداد الخطط والبرامج الكفيلة واللازمة للوقوف سدا منيعا، وحصنا حصينا أمام كل باغٍ وظالمٍ ومتعدٍ يروم النيل من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن الإسلام.

ويجب أن نشير إلى ما يقوم به سماحة الشيخ الجليل بدر الدين أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام لسلطنة عمان من دور عظيم، وكلمة حق واضحة وصريحة، وتعبير إيماني في كل موقف يُراد به الإسلام ورسوله الكريم وقيمه وقواعده وأركانه، فهذه والله وقفة العالم المجتهد الذي يعلم واجبه فيقوم به، وكلمة الحق فلا يتردد عنها ليس بينها وبينه حائل أو مانع، وهو والله مفخرة لنا أبناء عمان جميعا.

يا أبناء عُمان يا من آمنتم طوعًا وبذلتم مهجًا ونفوسًا، ونصرتم الإسلام عن رضا وطيب خاطر، كنتم أكثر بطون العرب حرصا على سمو الدين ورفعته وكنتم لرسول الله صلى الله عليه وسلم سورا عاليا منيعا، ولا جشمتموه ما جشمه غيركم من العرب؛ فأي فضل بعد فضلكم، وهي شهادة للتاريخ، ومفخرة للزمان، ينقلها جيل لجيل، وتبقى تاج فخار فوق رؤوسنا.

لقد خبر الجميع عظيم صنيعكم، وشدة بأسكم، وثبات عزائمكم، ارتوت صوارمكم بدماء كل من أراد غدرا أو سعى لخيانة، ولأنكم كذلك؛ وأنتم أهل السابقة؛ فإن عليكم واجبا وأمانة في نصرة نبيكم والذود عن دينكم، كل بقدر استطاعته، واليوم فضاءات التواصل واسعة ورحبة، فأعمِلوا جهدكم بالتعريف بالإسلام ورسوله الكريم بشتى اللغات ومختلف الوسائل ليعلم الجميع عظمته صلوات ربي وسلامه عليه، وليدرك من تسوّل له نفسه أمر سوء أن لبني الإسلام غضبة كإعصار فيه نار يحرق كل باغٍ ومعتدٍ على خير الأنام ومصباح الظلام، وأن خيل الحق مسرجة، وسيوف العدل مشرعة، ورجال الفداء والذود حاضرة شاهدة باسلة قادرة ماضية.

إلّا رسول الله.. نكتبها بدموع الخجل من عظيم مقامه، وشدة الغضب لمن تجرأ فقال ما قال، ووالله الذي لا إله إلا هو لا خير فينا إن لم نقلها، ولا مستقبل لنا إن لم نعلنها، ولا عزة ولا كرامة إن لم يستشعر هذه الغضبة القاصي والداني، وليعلم كل متخاذل عن نصرة الحبيب أنه بذلك الفعل قد شان نفسه، وأبان سوء معدنه، وأظهر خوار مسلكه، وضعف عزمه، وقلة حيلته.

والحمد الله حق حمده أننا في وطن يحفظ للدين حرمته، ولرسول الإسلام مكانته وهيبته، وطن يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم محبة العاشق لمعشوقه.

ولنقلها جميعًا فصل خطاب وحسن رد وجواب إلا رسول الله.. إلا رسول الله.. إلا رسول الله، صلى الله عليه وسلم.