هذا الوقت سيمضي

 

فاطمة هبيس الكثيرية

قادتني الإنسانية إلى حضور عزاء في بيت إحدى الصديقات التي روعت بفقد شقيق آلامها وأحزانها أخيها في حادث مروع يشتعل له رأس الولدان شيبًا، كانت تبكي بشكل هستيري؛ شعرت بحزن شديد لأجلها، ولكن دار بخلدي في نفس الوقت كيف يمكنني تخفيف مصابها بعد أن فشلت جميع العبارات المناسبة في مثل هذه الحالات؟ وسرعان ما أسعفتني ذاكرتي بعبارة رائعة وفي غاية الحكمة.

 وسرعان ما همست لها بينما كنت أحاول تهدئتها: "هذا الوقت سيمضي عزيزتي"، ولكن كانت كمن سد آذانه عن كل صوت.

بعد عدة أيام سألتني ماذا همست لي في ذلك اليوم كررت لها العبارة مرة أخرى؛ حدقت بي طويلاً لا أدري هل اعتقدت أني لا أشعر بألمها أم أنها أول مرة تسمع هذه العبارة.

أخيرًا نطقت.

ماذا تقصدين؟

أخذت أشرح لها هذه عبارة قديمة، وهدفي أن أخبرك بأنه لا شيء يدوم، فقد نمر بأوقات نظن أن من المستحيل تجاوزها ونشعر كأن أرواحنا تغادر أجسادنا.

في تلك الأوقات العصيبة نشعر أن الكون من حولنا ضيقا كثقب إبرة، وكأننا لا نستطيع التنفس، فأكسجين الكون لم يعد كافيا والألوان اختفى بريقها وكل شيء يصبح بلا قيمة وكأننا نعيش في العدم.

ولكن بعد مرور الوقت سنعود إلى طبيعتنا ونستمر بالعيش وسندرك أن لا شيء يدوم.

قد تصفعك الحياة بفقدان عزيز أو خيانة صديق أو خسارة مال أو فقدان عمل أو غدر أو خذلان من أعز الناس أو أقربهم لروحك ولكن كل هذا سيمضي.

بينما من ناحية أخرى قد تمر بأوقات رائعة لا مثيل لها ورفاهية مطلقة وسعادة تفوق الوصف حتى تظن أنه لا يوجد أحزان وتسخر من أولئك المتذمرين الشاكين من قسوة الحياة، وتسأل ما هذا الاكتئاب الذي يعيشونه وما هذه الدراما التي يصنعون.

ولكن سيمضي الوقت وتتبدل الأحوال فسعيد الأمس حزين اليوم وبالمقابل حزين الأمس سعيد اليوم.

لذلك علينا أن نستوعب حقيقة الحياة دون تطرف أو عقد. فالتوازن هو طوق النجاة لنا في كل الظروف كي نجعل الوقت يمضي بسلام وتصبح حياتنا ماء سلسبيلا.

أما عن قصة عبارة "هذا الوقت سيمضي".

فهي تعود لملك هندي طلب من وزيره أن يصنع له خاتما إن رآه وهو حزين يفرح، وإن رآه وهو سعيد يحزن.

فكر الوزير طويلاً ثم صنع له خاتمًا نقش عليه هذه العبارة "هذا الوقت سيمضي".

ومنذ ذلك اليوم والملك كلما نظر إلى الخاتم إن كان حزينا يخف عليه الحزن، لأنه يعلم أن هذا الحزن سيمضي، وينتهي وإن كان فرحا ونظر للخاتم ينتابه شيء من الحزن؛ لأنه يعلم أيضاً أن الفرح لن يدوم.

أتمنى لكم حياة متوازنة مهما كانت الظروف التي تمرون بها عند قراءة هذا المقال.

تعليق عبر الفيس بوك