سارة البريكية
عن قوة الخذلان أتحدث عن الشعور الذي جعلني أصعد للسماء وأنزل لسابع أرض عن الأسى والحزن الذي ملأني عن تراتيل الدعاء في ليلة يسودها الصمت عن ذكرى الفقد العظيم وعن فقد تلك الأمنية العظيمة وعن أسف يسود المدينة الحالمة وعن ما حدث ليلة الأحد ! ّ
مر عام على ذلك لا القلب ينسى الوجع الذي اعتراه ولا الروح تسأم من التمني ولا الرياح تهدأ ولا الوقت ينتهي ولكنني أكابر .
كل ذلك الضجيج الذي حدث وكل تلك اللحظات الصعبة وكل ذلك الألم تجاوزته بنفسي بهدوء بالغ بضحكة سخرية عجيبة وبابتسامة أنيقة وبحب قوي لا يعصفه موتك.
كانت الساعة تشير إلى التاسعة صباحا عندما صحوت من نومي لأتمتم لم أكتب مقال اليوم ما هذا النوم الذي أنامه لماذا لم أكتب مقالي لهذه الساعة الوقت ضيق ولا يكاد يسعفني وأنا وحيدة ولكنك تقف محاذاة الجدار تمسك الفوشار في يديك الطويلتين كأنك تنظر لتمثيلية في فيلم قديم أو مشهد لا يتكرر وتطيل النظر إليّ وتتمتم: لقد كتبتِ كثيرا في هذا العام وما الذي حصدته هل هناك مردود ألم أقل لكِ أن تتركي الجريدة وألا تكتبي شيئا فكل ما تقولينه لا أحد يقرأه أو يقرأونه ولكن لا يوافقون عليه وأراكِ تعاندين وفي كل مرة تسعدين بذلك لقد أخبرتك أن السماء لا تمطر ذهباً ولكنكِ تنتظرين المطر وأخبرتكِ أن الذين لا يقدرون اهتمامك وتعبك وشغفك وقوتك ما الفائدة التي ترجى من تقديرهم؟ وكنت دائماً أقول لكِ توقفي عن ذلك لكي يحس الآخر بأنه فقد ذلك العطاء وكنت أقول لك ِ انتظري وتريثي ولا تستعجلي بظنونك وإنكِ لا تفقهين ما أقول حتى بعد رحيلي.
أتعلمين يا جميلتي بأن الدعاء يصل والحديث الجميل يصل وأنه لا يفصلنا إلا ذلك العالم الافتراضي الذي يخيل إلينا أننا لن نخرج منه فنتعب ونشقى ونتألم بحثا عن الراحة وننسى أننا لن نجدها إلا مع القرآن وذكر الله وذكر الرسول والتعود على الأذكار والخروج في سبيله والسعي للتصدق والمبادرة في العطاء وتقديم الجميل للأجمل ولحياتنا الخالدة في جنة عرضها السموات والأرض اعدت للمتقين لكننا لا نفهم أن بلوغنا الحلم هو أن نكون مع الله دائمًا فالله الله أوصيكِ أن تكوني قريبة منه وألا يشغلكِ شاغل عنه فهو الملاذ وهو المرجع وهو الراحة الأبدية وبه تتحقق الأماني وتعلو الدعوات وتطيب الأنفس وتحلو المجالس .
لقد كنت أراقبكِ عن كثب وأرى التغيير الذي طرأ وأنكِ عدتِ للكتابة ولم يشغلك أي شيء عنها وأحسستِ بأنها قوة داخلية أخرى وأنه يجب أن تخرجي ما بداخلك حتى لاتكتظ مشاعرك وتموتين.
في لحظة ما نظرت إليه وقلت له ألم تكتفِ من التعليق والتحدث ألا ينتهي هذا الفوشار الذي تأكل منه قال بضحكة ساخرة: كيف ينتهي ونحن في زمنين مختلفين وعالمين لا يتشابهان لا الوقت نفس الوقت ولا الطعام ذاته ولكنني أتزود بالطاقة الأخرى كلما كنتِ في دعاء ومناجاة لله.
سأقول لكِ أمرا ولا تيأسي: إن خير الله قادم فلا يحزنك مر الحياة ولا يحزنك ما يدور بين الأسطر ستجتازين كل ذلك بقوتك المعهودة وعنفوانك الكبير وسترين المجد قريبا وستطمر السماء ذهبا يعدك الله بذلك فقط استمري في حضور تلك الحلقات التي يعلو فيها اسم الله والسكينة التي تملأ قلبك وما تحسين به وقتها سيتحقق قريبا إن الأحلام لا تموت ولا تذبل ولا تنتهي ولكننا نتوقف عن الدعاء فتنتهي الأحلام وتذبل المنى.