طريق أبيض أسود

 

أحمد بن خلفان الزعابي

zaabi2006@hotmail.com

 

لا بُد أننا نتساءل عن ماهية عنوان هذا المقال، ومع ذلك فالطريق هو الطريق كما هو معلوم لدينا والذي يأخذك إلى حيث وجهتك، أما أبيض أسود، فلا تذهب بخيالك بعيدًا فأنا لن أتحدث عن الدراما ما قبل دخول الألوان إلى السينما والتلفزيون، إنما سأتحدث عن حالة بعض طرقاتنا نهارًا وليلًا.

خلال الفترة الزمنية الماضية قامت وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات مشكورة بتنفيذ مشاريع شبكة الطرق الحديثة بمختلف ربوع بلادنا الحبيبة من شمالها إلى جنوبها وتُصنف شبكة طرقاتنا ضمن أفضل شبكات الطرق على مستوى العالم، من حيث مواصفاتها العالية ومطابقتها لأعلى مستويات الجودة وتحقيقها لأعلى معدلات السلامة لمستخدمي الطرق، ومما لا شك فيه أن هذه الطرق الحديثة توفر طاقة استيعابية كبيرة للمركبات المستخدمة للطرق، كما تتسم بانسيابية حركة مرور المركبات في الطرق الواقعة خارج محافظة مسقط. وخلال فترة النهار ولأن الرؤية واضحة فإنَّ كافة مستخدمي الطرق من مركبات الأفراد ومركبات الشحن الثقيل يتمتعون بالقيادة بكل أريحية وسهولة، ولا يختلف اثنان على الإيجابيات الكثيرة لشبكة الطرق السريعة المنتشرة حديثا بمختلف ربوع بلادنا الحبيبة. لكن ما أن يحل الليل تتوشح بعض الطرق السريعة ظلامًا إلا من أنوار المركبات التي تسير على هذه الطرق، وبالرغم من أن أغلب هذه الطرق مجهزة بأعمدة إنارة لكنها لا تعمل، وقد يعود عدم تشغيل الإنارة على هذه الطرقات ربما لأسباب تتعلق بكلفة التشغيل. غير أن هناك بدائل مختلفة منها استخدام الطاقة الشمسية، ولكون بلادنا تقع على مدار السرطان وأغلب أجوائنا مُشمسة طوال العام، وبالتالي فإن هذه ميزة تنافسية ومبررًا كافيًا لاستخدام الطاقة الشمسية لتشغيل الإنارة على هذه الطرق، وعلى جهات الاختصاص تبني مبادرة تحويل آلية تشغيل الإنارة بالاعتماد على الطاقة الشمسية لكونها طاقة متجددة، وذلك عبر الموازنات المخصصة لإنشاء وصيانة الطرق أو عبر المبادرات المجتمعية المدعومة من قبل شركات القطاع الخاص؛ لكون هذه المبادرة تعتبر مجتمعية وتتسم بالاستدامة، وتستخدم الطاقة النظيفة المتجددة وتخدم مصلحة مستخدمي الطرق وترفع من مستويات الأمان على الطرق الرئيسية ليلًا؛ حيث إنَّ إضاءة الطرق تمكن السائقين من مشاهدة معالم الطريق ومشاهدة المسارات بشكل واضح ورؤية أية حيواناتٍ سائبة كالحمير والجمال أو حتى كثبان الرمال الزاحفة.

مبادرة كهذه ستُساهم في خفض معدلات الحوادث وترفع من كفاءة الطرق وتحقق مكاسب عديدة حتى على مستوى شركات التأمين وإعادة التأمين نفسها، وبالتالي فإنِّه حريٌ بشركات التأمين دعم مثل هذه المبادرات من باب حفظ الأنفس وتوفير العديد من المكاسب والأرباح بطرق غير مباشرة.

ولا ريب أن حكومتنا الرشيدة تبذل جهودًا كبيرة في كل ما من شأنه ضمان سلامة المواطن والمقيم وخفض معدلات الحوادث المرورية على الطرق السريعة ليلًا، فلا بد من تكاتف جهود جميع جهات الاختصاص الحكومية، إضافة إلى منشآت القطاع الخاص لدعم مبادرة تشغيل الإنارة على طرقاتنا السريعة باستخدام الطاقة الشمسية؛ حيث إن مبادرة كهذه تستحق التوقف عندها ودراستها والعمل على تنفيذها.

وفي الختام.. إن سلامة مستخدمي الطرق ليلًا لا تقع على عاتق السائقين بمفردهم، مع أنهم يتحمّلون الجانب الأكبر، ولابُد من إنارة الطرق السريعة لتحقيق أعلى معدلات السلامة المرورية، ويجب أن نعلم أن السياقة خلال النهار تختلف عنها خلال الليل.. ودمتم سالمين.