العناية بتدريس القرآن الكريم

 

حمود بن علي الحاتمي

alhatmihumood72@gmail.com

 

حرص والدانا في السابق، على إلحاقنا بمدارس تعليم القرآن الكريم التي كانت تنتشر في القرى، وكان يقوم عليها معلمون يعملون على تعليمنا قراءة سور من المصحف الشريف، تبدأ بالحروف في أولى صفحات جزء "عَمَّ" يراوح بين أصوات طويلة وقصيرة، وإذا أتقنا نطق الحروف، ننتقل لقراءة جزء عم، والمجتمع كان هو المدير والمشرف على تلك المدارس دون تدخل مؤسسي، ومع وفاة معلمي تلك المدارس، انطمس ذكرها، وصارت خرابات، وخفتت "التيمية"، ولم يعد لها ذكر إلا في احتفالات مدارس الحلقة الأولى!

وقد صرحت وزارة التربية والتعليم بفتح مدارس خاصة  لتدريس القرآن الكريم، إلا أن تلك المدارس لا تعدو أن تكون ممارساتها مرادف لممارسة الروضات وبها معلمات ليس لديهن كفاءة تدريس علوم القرآن الكريم. والحقيقة أن العناية بعلوم القرآن الكريم بحاجة إلى تغيير المنهجية التي هي عليها اليوم.

نحن اليوم يجب أن نُؤسس لمدارس تعنى بتدريس علوم القرآن الكريم، وفق مراحل متوالية وفق أسس علمية تتسم بالديمومة. ويمكن أن يكون ذلك من خلال:

أولًا: إنشاء معهد لتخريج معلمي تدريس القرآن الكريم يتمتعون بمهارات في التجويد والتفسير والتدبر. ويلتحق به معظم أئمة المساجد ومعلمي ومعلمات القرآن الكريم.

ثانيًا: تحويل معظم أئمة المساجد إلى معلمين للقرآن الكريم.

ثالثًا: تغيير منهجية التدريس بمدارس تعليم القرآن الكريم وجعلها مدارس قرآنية صرفة ووفق شروط معينة لمعلماتها، ومرافقها تختلف عن الروضات والحضانات حيث تزود بأجهزة سمعية وبصرية تساعد على التلاوة والتدبر والتفسير وبناء مناهج خاصة تتضمن التلاوات والتدبر والحفظ ووقف التصريح لافتتاح مدارس جديدة حتى يتم وضع آلية جديدة لمدارس حفظ القرآن الكريم.

خامسًا: إقامة مهرجان تلاوة وحفظ القرآن الكريم بمركز عمان للمؤتمرات والمعارض سنويًا، أو في جامع السلطان قابوس الأكبر، للطلبة النابغين وتعظيم جوائز الحفظ.

سادسًا: تعيين الحفظة والنابغين منهم معلمين وحفاظ في الجوامع والمدارس.

سابعًا: تبني الإذاعات المحلية وشركات الإنتاج المواهب بإنتاج مواد سمعية وبصرية.

ثامنًا: الاستفادة من تجارب الدول الرائدة في هذا المجال في تطوير مسابقاتنا باستضافة عدد من علماء علوم القرآن الكريم خلال شهر رمضان المبارك.

تاسعًا: تخصيص أوقاف لبناء مدارس لتعليم القرآن الكريم بدلًا من بناء المساجد.

إنَّ العناية بالقرآن الكريم سوف تحل الكثير من القضايا التربوية والاجتماعية التي يعاني منها مجتمعنا، ومنها ضعف القراءة؛ فتلاوة القرآن الكريم علاج للضعف القرائي وهذا من واقع تجربة تربوية ممتدة لحوالي 28 عامًا. كما إنَّ العناية بالقرآن الكريم ستحل مشكلة العجز في كوادر الأئمة ومعلمي القرآن الكريم، وتوفر وظائف للشباب.

وتمثل مدرسة دار الإتقان بفلج الحديث بولاية الرستاق أنموذجًا رائعًا لإقبال النَّاس على تعليم أبنائهم القرآن الكريم واستعدادهم لدفع مبالغ في ذلك، ونتمنى عودة مدارس القرآن الكريم لأوج عطائها.