أين مشاريع تطوير ظفار؟

 

علي بن سالم كفيتان

 

أسعدنا كثيرًا إسناد عدد من المحافظات مشاريع تنموية وتطويرية من موازناتها التي خصصها المقام السامي- حفظه الله- بمعدل 20 مليون ريال لكل محافظة، خلال سنوات الخطة الخمسية العاشرة (2021- 2025)، وقد شكلت تلك المشاريع إضافة جديدة للمحافظات وأصبحت أمرًا ملموسًا بعد أن أسندت أعمالها للشركات، وكانت في معظمها مطالب مجتمعية نُقلت عبر المجالس البلدية، ولم تجد السبيل للتنفيذ بسبب خطط الجهات المعنية.

لذلك يرى الإنسان اليوم مشاريع وإضافات كان يُطالب بها تُنفذ على أرض الواقع، ففي الوقت الذي كانت فيه المجالس البلدية توصي وترفع للجهات وتنتظر الأعذار بعدم توفر الموازنات، اليوم باستطاعة المجالس ومكاتب المحافظين، المناورة في إطار تلك الموازنات التي خصصت لهم. ومنذ العام الأول الذي خصص فيه المقام السامي- رعاه الله- 10 ملايين ريال لكل محافظة وحتى زيادة المبلغ إلى الضعف، لم يلمس المواطن في محافظة ظفار أي مستجد في هذا المضمار، ومن هنا نتساءل عن مشاريع ظفار التي لم تعلن ولم ترَ النور حتى الآن؟!

قد يرى البعض أن المبالغ لا تُرضي الطموح، وخاصة إذا ما تم جدولة صرفها على مدار خمس سنوات من قبل وزارة المالية بمعدل مليونين كل عام، لكنها تعد إضافة وأفضل من لا شيء، ويستوجب الأمر أن تظهر للعيان، وأن يكون التصرف فيها بحكمة وروية، بحيث تكون كالمدد للمشاريع الصغيرة التي ينتظرها الإنسان منذ مدة طويلة ولم تنفذ، مثل سفلتة الطرق للتجمعات السكانية القروية التي تنتظر تلك الخدمة منذ 50 عامًا، وإنشاء ممرات للمشي، وتطوير الأسواق العامة، وليس من الحكمة اعتبارها مبالغ صغيرة ولا تكفي والتصرف بها من باب أهمية صرفها في أي بند أو تقسيمها على الولايات كأنها كعكة العيد، فهناك تفاوت في الولايات من حيث ثقلها السكاني واحتياجها للخدمات ومساهمتها الفعلية في الجذب السياحي والاستثماري، وليس من الحكمة كذلك صرف تلك المبالغ على أكشاك الشاي والقهوة بحجة أنَّ الذين يديرونها مواطنون، وفي النهاية نجد العامل الأجنبي هو من يتربع في تلك الأكشاك والصناديق التي انتشرت كالفطر بين الأحياء وعلى الشوارع العامة وبكل ألوان الطيف، وعليها صور لا تليق وأسماء ما أنزل الله بها من سلطان، فتبدو للزائر كمشوهات للمنظر العام؛ فهي خاوية على عروشها أثناء النهار وتزدان بالإضاءات المتنافرة في الليل، وأصبحت تقود لثقافة جديدة على مجتمعنا المنهك ماديًا، بحيث ينجر الشباب والشابات لشراء مشروبات عادية بمبالغ كبيرة كنوع من البرستيج والتصوير على مواقع التواصل الاجتماعي!

لا ندري إن كانت حصة ظفار من تلك الموازنات صُرفت أم لم تُصرف بعد، فلا وجود لها على الأرض، ولا يوجد أي إعلان عنها من قبل مكتب المحافظ كبقية المحافظات، ونحن بهذه التساؤلات لا نشكك في الإجراءات، لكننا ننقل نبض الشارع الذي يشاهد يوميًا إسناد عشرات المشاريع في بقية المحافظات، ويتساءل أين مشاريعنا في ظفار؟! ما زالت هناك طرق ترابية تُنهك أبناء الولايات والنيابات، وهي بحاجة لرصفٍ، بعد أن تعذرت الجهات المعنية أو ماطلت في التنفيذ طوال 50 عامًا، وهي لا تكلف مبالغ طائلة، ويمكن لهذه الموازنات أن تُسعف هؤلاء الناس وأن تمدهم بالطريق الذي طالما حلموا به. وهناك تجمعات تحتاج للإمداد بالمياه، وعندما خاب أملهم في الجهات المختصة مدوا الأنابيب من جيوبهم الخاصة، وهناك مناطق لا يصلها إرسال الشبكات، ويعاني فيها الإنسان من قلة التواصل مع العالم، وظهر ذلك جليًا أثناء جائحة كورونا وتطبيق التعليم عن بُعد؛ حيث لجأ الطلبة إلى قمم الجبال والمفازات لالتقاط الدرس، وإرسال الواجبات على السفوح وتحت ظلال الأشجار وعلى طعوس الرمال.. بإمكان هذه المبالغ أن تخفف من هذه المعاناة إذا تمَّ صرفها بعناية ووفق الأولوية القصوى.

أصبحت المحافظة- وخاصة حاضرتها ولاية صلالة- تعج بالاختناقات المرورية خارج الموسم السياحي ومناطق سكنية جديدة لها مدخل واحد ومخرج واحد، وهو في الغالب غير مزدوج، كما تفتقر المدينة للساحات العامة وممرات المشي، ناهيك عن عدم وجود قلب للمدينة بعد إزالة منطقة الحافة، فأصبحت صلالة بلا هوية. ومن هنا نقترح توظيف المنطقة التي تقع حول المسجد الجامع ببيوتها القديمة المبنية على الطراز المعماري الطفاري؛ لتكون قلب مدينة صلالة، بحيث تُحول تلك البيوت لنُزُل تراثية وسوق قديم يمتد إلى جامع عقيل والمناطق المجاورة، ويمكن تخصيص جزء من هذه الموازنات لهذا الهدف بالتعاون مع وزارة السياحة والتراث وبلدية ظفار وملاك تلك العقارات.. وحفظ الله بلادي.