"قرنقشوه".. رسالة إلى وزيرة التنمية الاجتماعية!

سالمة بنت هلال الراسبية

أثار المغردون في الآونة الأخيرة جدلاً واسعاً حول فعالية "القرنقشوه" وهي عادة مجتمعية لبعض الولايات تقام كفعالية للأطفال في منتصف شهر رمضان لبعض الولايات بالسلطنة والتي انتقلت بين الولايات الأخرى رغم أنها كانت مقتصرة على البعض.

يرى مجموعة من المغردين أنها عادة متأصلة من الآباء والأجداد ولكن بشكل مطور نوعاً ما، أما البعض فاعتبرها عادات دخيلة من مجتمعات أخرى وليست موروثا شعبيا ويرون أنها تدعو إلى التسول وإيذاء الجيران وتوقف حركة السير.

كما أن البعض ذهب إلى اعتبارها عادة ابتُدعت واستحدثت في الدين امتثالا للحديث النبوي الشريف عَنْ عائشةَ رَضْيَ اللهُ عنها قَالتْ: قَالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هذا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُو رَدٌّ». متفق عليه.

ومن وجهة نظري المتواضعة كناشطة مجتمعية وباحثة تربوية أرى أن الاهتمام بالموروث الشعبي والذي يتماشى مع الدين الإسلامي الحنيف هو الأنجح والأصوب كما أن تحويل الفعالية إلى مناسبات أخرى فيها مساحة جميلة ليعبر الأطفال عن فرحتهم بعيدا عن الجدل الحاصل، حتى لا يعتبرها الطفل أمرا أساسيا في الدين حاله كحال العيدين.

فقد أجمعت العديد من الدراسات العلمية أن التقليد من أهم مؤهلات الطفل الغريزية وهو من المدارك التي تصله بالعالم الخارجي ويتعلم من خلالها الأكل والكلام والتواصل مع الآخر وهو ما حذر منه المختصون في التربية وعلم نفس الطفل.

ولكن أين جمعيات المرأة العمانية من هذه الفعالية؟!!

رغم أنه من الأهداف المهمة التي من أجلها تأسست جمعيات المرأة العمانية وهو تأصيل القيم والعادات الأصيلة التي تميز بها المجتمع العماني والتي تتماشى مع الدين الإسلامي الحنيف، إلا أننا نرى استجلاب عادات أخرى من دول الخليج وهو ما ينفي قاعدة الخصوصية، وقد نجد أن بعض المناطق تقلد المناطق الأخرى بهذه العادات رغم أنها معروفة عن ولاية مُعينة.

بعض الجمعيات تنبري لاستجلاب عادات وتقاليد اتسمت بها دول الخليج منها ما يسمى "الغبقة"  وهي فترة ما بين الفطور والسحور.. فهل هو عمد أم جهل؟!

وبين هذا وذاك أرى أن تأطير المهام بحدود واضحة لجميع الجمعيات ومنع أيا من ذلك بات أمرا في غاية الأهمية ليحفظ المجتمع من الدخول في نفق الجدال والتراشق بالإتهامات والبعد عن الخلاف.

ونعول على جمعيات المرأة العمانية أن تقوم بدور كبير في غرس المبادئ في منظومة القيم يتبعه استثمار للقدرات والإمكانات المتاحة للجمعيات كمؤسسات خيرية وليس مؤسسات ذات الفرد الواحد المتربع على عرش الإنجاز كما يتضح إعلاميا وهذا يعطي انطباعا بأن جمعيات المرأة انتقلت من عمل جماعي تعاوني إلى عمل فردي.

لذلك نناشد معالي وزيرة التنمية الاجتماعية الدكتورة ليلى النجار- والتي تقوم بدور مهني متميز يشهد له المجتمع يعكس رؤيتها ورسالتها السامية- إصدار توجيهات وقرارات أكثر حزمًا بحيث يكون الإنجاز الحقيقي للمرأة هو توعية المجتمع، وأن تسهم هذه الجمعيات بتعزيز الثقافة والتطور والتقدم في جميع الجوانب مع المحافظة على السمة العمانية الأصيلة التي تحتفظ بخصوصيتها كل ولاية، والتي يتسم بها المجتمع العماني؛ ليُحافظ على هويته الوطنية التي أرسى دعائمها السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- وأكد عليها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المفدى- أطال الله في عمره وأمده بالصحة والعافية.

تعليق عبر الفيس بوك