إثبات أو نفي الفرضية

 

وليد بن سيف الزيدي

لتوضيح معنى الفرضية سأطرح مثالًا شائعًا عند العديد من الأسر، وهي ظاهرة بكاء الأطفال حديثي الولاة مرات عديدة أثناء الليل. ومن هنا تبدأ عملية وضع احتمالات حول أسباب بكاء الطفل ليلًا من قِبل الوالدين. فتارة يُفسر هذا البكاء بالحاجة إلى الحليب وتارة أخرى بشعوره بألم في بطنه وتارة ثالثة ببرودة جو الغرفة وتارة رابعة بضيق ملابسه، وهكذا يمضي الليل في وضع الاحتمالات حول أسباب ظاهرة بكاء الأطفال ليلًا.

بهذا يمكن أن نقول إن الفرضية: هي ظاهرة ما (كبكاء الأطفال ليلًا)، ثم يتم وضع احتمالات غير دقيقة حول أسباب هذه الظاهرة.

هل وضح معنى الفرضية المراد هنا بمعناه البسيط من خلال المثال السابق؟

إذن لنبدأ بفكرة مقال اليوم، حيث من الأمور الجيدة في مجمعاتنا العربية أن البعض من أبناء العم يقفون موقف الرجل الواحد مع بعضهم البعض سواء في السراء أو الضراء؛ ولذلك يُقال في مجتمعنا العُماني مثلًا: "ولد العم ولا النسيب". من هنا يُمكن أن نعتبر هذا الأمر فرضية نريد إثبات صحتها أو نفيها. بمعنى أن ظاهرة تعاضد وتماسك أبناء العم مع بعضهم ظاهرة سائدة في مجتمعاتنا، مع ضرورة الأخذ بوجود احتمالات عديدة وربما غير دقيقة حول تفسير حدوث هذه الظاهرة، والتي ربما تكون بسبب رابطة الدم أو العرف أو المكان أو تاريخ العائلة.

طيب.. فمتى يتم إثبات صحة "فرضية ولد العم ولا النسيب" ومتى يتم نفيها؟

سؤال جيد.. يتم إثبات صحة هذه الفرضية إذا كان أبناء العم يقفون فعليًا مع بعضهم البعض موقف الرجل الواحد في جميع مواقف الحياة خيرها وشرها وخلال فترات زمنية متعاقبة. ويتم نفيها إذا ظهر فيما بينهم عكس ذلك كالكذب والخيانة والظلم والعدوان ونكران الجميل.

ويمكن طرح مثال آخر على فرضية أخرى عكس الفرضية السابقة فنقول: "النسيب ولا ولد العم". وهنا أترك لك المجال في إثبات أو نفي صحة هذه الفرضية من واقع حياتك؛ وذلك من باب تبسيط الفكرة لك. كما يمكن لك طرح أمثلة أخرى.

نعم.. وبهذا التحليل البسيط حول إيصال الفكرة يمكنك يا أخي العزيز إثبات أو نفي صحة أي فرضية أو ظاهرة مجتمعية أو تربوية أو تعليمية أو نفسية. كما يمكن أيضًا لطلبة الدراسات العليا والمهتمين بالبحث العلمي الاستفادة من هذا المقال بأخذ الفكرة حول كيفية إثبات أو نفي فرضية دراستهم البحثية.

طيب هل يوجد فرق بين الفرضية والنظرية؟

نعم يوجد فرق، حيث إن النظرية أكثر تعقيدًا وتحتاج إلى أدلة علمية رصينة ومبنية على الملاحظات والتجارب والاختبارات العديدة والمتكررة وفي أوقات مختلفة، ويمكن إثباتها أو نفيها بناءً على ذلك. وهي موجودة في مناهجنا المدرسية ومقرراتنا الجامعية مثل: نظرية الانفجار العظيم ونظرية الذكاءات المتعددة.

وبهذا يمكن القول إن العِلم في تجدد دائم، فما أُثبت من فرضيات ونظريات بالأمس يمكن نفيها اليوم أو غدًا أو بعد غد، والعكس من ذلك صحيح.

والله الموفق.    

تعليق عبر الفيس بوك