خليل بن عبدالله الخنجي **
تأسست غرفة تجارة وصناعة عُمان في العام 1973 حيث سبق ذلك تشكيل لجنة موسعة من التجار بأمر سامٍ من السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- حيث ترأس اللجنة رجل الأعمال الشاب محمد بن الزبير بن علي، الذي يعد أول رئيس لغرفة تجارة وصناعة عمان، وحرص وسعى أن تؤسس الغرفة في مصاف غرف التجارة والصناعة والزراعة العربية.
ومن أجل ذلك قرر في حينه القيام بزيارات مكوكية إلى كل من القاهرة وبيروت؛ للوقوف شخصيًا على أعمال الغرف التجارية والاستفادة من تجربتهم في تأسيس وإدارة الغرف في كلا البلدين اللذين تربطهما علاقات ودية مع عمان. وقد جاءت الأوامر السامية- آنذاك- بتأسيس "بيت التجار" كما يطلق عليه عُرفًا من أجل تنظيم صوت القطاع الخاص وتسهيل تعامل رجال الأعمال والتجار مع الحكومة الفتية في بدايات النهضة العمانية التي قادها السلطان الراحل. وبعد عام واحد من تأسيس الغرفة اقتضت إرادة السلطان قابوس تعيين معالي محمد الزبير وزيرًا للتجارة والصناعة؛ ليستلم دفة الغرفة رجل الأعمال المعروف الحاج/ علي بن سلطان أحد أركان شركة "تاول" التي تأسست في عام 1866، وبعدها تم انتخاب رجل الأعمال المخضرم الشيخ أحمد بن محمد عمير الهنائي الذي تولى رئاسة الغرفة بالانتخاب.
وبعد انقضاء تلك الفترة أقيمت انتخابات أخرى ليخوض المترشحون من أصحاب وصاحبات الأعمال الانتخابات لينال رجل الأعمال المعروف مقبول علي سلطان علي أعلى الأصوات؛ لتقتضي الإرادة السامية بتثبيت من حصل على أعلى الأصوات رئيسًا للغرفة، وتتوالى بعد ذلك تعيينات رئيس الغرفة، إضافة لعدد ثلث أعضاء الغرفة بمراسيم سلطانية، وبقية الأعضاء بالانتخاب، وذلك حتى نهاية العام 2014؛ ليبدأ عهد جديد للغرفة من خلال تغيير قانونها إلى نظام الغرفة الذي يقضي بإقامة انتخابات في المركز الرئيسي بالعاصمة مسقط وبقية الفروع العشرة في المحافظات، وبذلك تميزت الفروع لأول مرة بانتخابات لكامل أعضائها بدلاً عن انتخاب رئيس الفرع فقط بموجب القانون السابق.
وعند ربط تاريخ الغرفة التي سوف تحتفل بيوبيلها الذهبي في العام 2023 وما يراد لها خلال سنوات النهضة المتجددة التي يقود خطاها الواثقة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- والذي أشاد في كل خطاباته بالقطاع الخاص العماني وأهمية دوره كشريك فاعل في تحقيق رؤية "عمان 2040"، فقد وجب على القطاع الخاص ممثلًا في أصحاب وصاحبات الأعمال المشاركة في إدارة شؤونها وتنظيم أعمالها من خلال عضوية مجلس الإدارة والانضمام إلى لجانها المتخصصة التي تعد بمثابة نويات لمؤسسات مجتمع مدني مصغرة تحت مظلة الغرفة؛ وذلك من أجل توحيد الرؤى وتفعيل الأدوار الحقيقية للغرفة من خلال مناقشة التحديات وتذليل الصعوبات التي تواجه الشركات والمؤسسات في أعمالها اليومية خاصةً المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لذلك وجب تنظيم الصفوف والتنسيق المبكر لتشكيل مجموعات تؤمن بالعمل التطوعي لخوض انتخابات غرفة تجارة وصناعة عمان القادمة خاصة وأن القانون الجديد المرتقب سوف يراعي دور الفاعلين من الشركات والمؤسسات التي تسهم في أنشطة تجارية وصناعية وخدماتية حقيقية من خلال تشغيل القوى العاملة الوطنية والمساهمة في الناتج المحلي الإجمالي بالمشاركة في إبداء الرأي والمشورة لمؤسسات الدولة التي تسعى جاهدة في تذليل الصعوبات على القطاع الخاص.
لقد آن الأوان للمتذمرين من أداء الغرفة للفترات الماضية للتقدم والظهور وإبراز تفانيهم للنهوض ببيت التجار؛ وانتخاب أعضاء جدد لغرفة تجارة وصناعة عمان وفروعها في كل المحافظات، وليتذكروا أن غرفة تجارة وصناعة عمان هي ثاني تجربة ديمقراطية في سلطنة عُمان بعد جمعية المرأة العمانية في مسقط، والتي سبقتها انتخابات الأندية الرياضة قبل العام 1970.
لذلك يجب على القطاع الخاص الاعتزاز بأهمية دور الغرفة كمؤسسة ذات نفع عام تمثل القطاعات الاقتصادية وأصحاب الأعمال في عمان وتعبر عن آرائهم وتحمي مصالحهم، ويجب المحافظة على هذا الكيان والبناء والتجديد عليه وعدم الوقوف جانباً ناقدين متفرجين من دون حراك إيجابي نحو الإصلاح.
إنني أشدُ على أيادي أصحاب وصاحبات الأعمال من كل أنحاء عمان كما يشد رئيس وأعضاء مجلس الإدارة في كل الفترات الحالية والسابقة؛ لتشكيل مجموعات تؤمن أولاً بالعمل التطوعي، وثانيًا بالأدوار المهمة لمؤسسات المجتمع المدني، وثالثًا بأهمية أدوار غرفة تجارة وصناعة عمان في المرحلة المقبلة؛ للوقوف سويًا كشريك قوي مع الحكومة لتحقيق رؤية "عمان 2040" والتي تعوّل على دور القطاع الخاص العماني في إقامة مشاريع حيوية والمساهمة في جلب مزيد من الاستثمارات استغلالًا للعلاقات المتميزة مع الدول الشقيقة والصديقة، من أجل إنعاش الحركة الاقتصادية في البلاد والتمثيل الأفضل في المحافل الدولية، ولن يتحقق ذلك إلا إذا تحمل القطاع الخاص المسؤولية وغرفة تجارة وصناعة عمان تحتفل بيوبيلها الذهبي.
** الرئيس الأسبق لغرفة تجارة وصناعة عمان