سارة البريكية
حينما يغرس المولى عزَّ وجلَّ الحب في نفوس عباده تجاه شخصية معينة فإنِّه يكتب له القبول في الأرض والسماء نتيجة خبيئة بينه وبين ربه تعالى، وفي عُمان أرض المحبة والسلام والوئام وحسن الكلام تفتحت عينانا على شخصية قلَّما يجود الزمان بمثلها وحينما نفضنا غبار العتمة عن أعيننا وجدناه قد ساقه الله لنا ليكون قائدًا حكيمًا رحيمًا أراد منا أن نشرفه بإنسانيتنا العمانية لما لا ونحن ماضٍ وحاضر.
شهد لنا حبيب الله ورسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بأنه فينا وبنا من الأخلاق أنه لو أتيت أهل عمان لما سبوك ولا ضربوك وحينما توسعت عمان بشرا وأناسا ومنجزا هنا وهناك كان قد رسم معالم كثيرة تنشد العزة والرفعة لنا وكان أديم الأرض في وقت يفخر بتلك الرؤى التي استوت واقعاً اليوم نشهده ونعيشه والتي رسمت ملامحها بفكر نير يستشرف آفاقا أرحب للوطن.
إنَّ النفوس العظيمة حينما يصطفيها المولى عز وجل لبناء أمة ولإقامة تاريخ حافل بالعديد من المنجزات فإنه يهيئ لها من الأسباب ما يعينها على ذلك وأ فليس خير الناس أنفعهم للناس فما شهدنا له إلا بالنفع وما عهدناه إلا يدفع الضُرَ فازدانت الغبيراء بالحسن والجمال وبالبهاء والدلال فكانت محبوبته وبقيت معشوقته فما كان في سريرته وهبنا إياه فكان وديعته وقبلا وعد وأوفى وأنجز وأصفى فباركه الله بحسن نيته وإخلاصه.
الشعوب في مختلف أصقاع المعمورة تفخر برجالها وناسها وقادتها، ونحن حق لنا أن نفخر به فما كان منه أن قال "محبكم قابوس"، وما كان منه أن ضحى بالنفس والمال والوقت والراحة لأنه محبكم قابوس.
إننا ونحن في دول العالم الإسلامي لنترقب حلول شهر رمضان المبارك فإنه ليغمرنا الحزن بأن يأتي العام الثالث منه ونحن بدونه وأن تأتي تلك الأيام المعدودة ونحن لا نملك إلا صونه ولا نتراجع عن عشقه وحبه مبتهلين إلى خالقنا بأن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته.
إن الجهات الأربع حينما تتضوع بالذكرى فإنَّ القلوب تعتصرها آلاماً شتى وتسكنها أحزانا حتى القدر حينما يهبنا العظماء فإنهم حقاً عظماء كما كان- طيب الله ثراه- فقد جاء السلطان قابوس- تغمده الله بواسع رحمته- أبيض القلب، طيب النفس، وفيًّا لنا ومحبًا لنا ومعطاءً لنا وخدومًا لنا، فكان مما قاله لنا السلف الصالح من الآباء والأجداد بأنه معجزة حققها الله لنا.. فيا أرض اشهدي، ويا تاريخ اكتب، إن لقابوس جنودًا أوفياء، وحماة كرماء، وإننا على العهد باقون وعلى النهج الذي اختطه لنا ماضون متسلحين بما علمتنا إياه، ومتدرعين بما رسخته فينا من أعمال وأفعال وأقوال؛ إذ قلت- طيب الله ثراكم- بقول القرآن "لا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم" وأمرتنا أن نكون لخير خلف عونًا في المنشط والمكره وفي العسر واليسر.
إن عمان من أقصاها إلى أقصاها وهي ترتجي شهر الرحمات وغفران الزلات لتستذكر بكل جلاء وفخر واعتزاز مقامكم- طيب الله ثراكم- وعطاءكم الممدود والمشهود، تغمدكم الله بواسع رحمته وأسكنكم فسيح جناته، فإنَّ القلوب لتحزن وإن العين لتدمع ونحن نفتقد إطلالتكم البهية في أيام شهر رمضان فتلك هي حكايتنا يا مولانا وتلك هي قصتنا يا حبيبنا وسيدنا.
وبمناسبة شهر رمضان المبارك أرفع إلى مقام سيدي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- خالص التهاني وعظيم التبريكات، متضرعين إلى الله- جلَّ جلاله- أن يتقبل الصيام والقيام وتلاوة القرآن وحسن العمل على كل حال.. وكل عام وجلالتكم بخير وصحة وسلام وكل رمضان والسلطان قابوس في جنات النعيم مع مليك مقتدر في جناتٍ ونهر.