اللقاءات السلطانية (2)

الشباب عماد التنمية وقِبلة الوطن

 

 

د. خالد بن حمد الغيلاني

Khalid.algailni@gmail.com

@khaledalgailani

 

الشباب تلك الفتوة والقوة، وذلك العنفوان والحضور، أمل أي أمة من الأمم، وسبيل نحو بناء مجدها، وتنمية قدراتها، ولأنهم الشباب الذين يدرك الجميع أهمية دورهم، ولأنهم الشباب مرتكز البناء، وسبيل الرقي والتقدم، ولأنهم الشباب درع الوطن، وعقله، وفكره، ولأنهم الشباب فهم في محل الاهتمام الأول لدى مولانا السلطان، فلا خطاب سام من خطابات جلالته إلا والشباب حاضر فيه، ولا لقاء كريم من لقاءات جلالته إلا والشباب ماثل بين الحضور اهتماما ورعاية وعناية، هدفا وغاية، سبيلا للتنمية وغاية لها.

إن الاهتمام من لدن مولانا السلطان- حفظه الله ورعاه -بالشباب، والتوجيه الدائم للمسؤولين بالاهتمام بهم، ورعايتهم، وتطوير قدراتهم؛ نابع من دورهم المأمول، ومن حرص جلالته على الأخذ بأيدهم، أخذ الأبوة والحنو، والشدّ عليهم شدّ من يروم بهم المجد، ويزاحم بهم العلياء، فهم مفخرة البلاد إن اجتهدوا وجدوا، وبذلوا وأحسنوا، وسعوا وأنجزوا، وأعملوا الفكر وأبدعوا.

وما حديث جلالته في اللقاءات السلطانية بالمشايخ عن تمكين الشباب وصقلهم وتثقيفهم وإعدادهم والاستماع إليهم إلا توجيه واضح، وأمر سلطاني نافذ لإعطاء الشباب دورهم الوطني المنشود، والاستفادة منهم في خُطط التنمية الشاملة المستدامة، فهم الاستثمار الرابح، وفيهم ومن خلالهم يتحقق الإنجاز الحقيقي، ونجد المسار الواقعي نحو النهضة المتجددة.

إنَّ الناظر الفاحص لرؤية "عمان 2040" يدرك إدراك البصير أن الشباب مرتكز بالغ الأهمية من مرتكزاتها، وأنه معتمدٌ عليه في سبيل تحقيق أهدافها وبلوغ غاياتها، وأن مؤشرات الجودة والإنجاز المراد تحقيقها لن تتم إلا بالشباب الفاعل الجاد المتقِن، وهذه وأيم الله حقيقة لا تخفى على ذي عقل وحكمة، فلا خير في أمة لا ترعى الشباب ولا تهتم بهم، لأنهم عماد الوطن وقبلته، التي يفاخر الكون أجمع بها.

لذلك فعلى كل مسؤول أن يجعل الشباب ضمن أولوياته، وفي نطاق اهتماماته من حيث التمكين لهم، وتعظيم أثر الفائدة من مشاركتهم في إبداء الرأي، وصنع القرار، وتنفيذ الرؤى، وتحقيق الطموحات، وبلوغ المرام، وعليه العمل على إعدادهم بما يتفق وطبيعة الدور، ومستوى المسؤولية، ومحددات التطوير، ولوازم العمل، ومهارات الجودة ليكون هذا الشاب وتلك الشابة معتمدا عليه، اعتماد الحصيف، مرتكزا عليه ارتكاز البيت لعمدانه.

ثم إنكم أيها الشباب مطالبون بأمور عديدة، ليرى فيكم الوطن أمله، ويبلغ من خلالكم مولانا السلطان المعظم ما يؤمله فيكم، ويتوسّمه بدوركم في مسيرة التنمية الماضية بعمان وأهلها نحو آفاق مستقبل رحبة؛ فأنتم مطالبون بالتسلح بالعلم والمعرفة فهو سلاح بلوغ المجد والسؤدد، فلا إنجاز بغير تعلم ومعرفة، وعليكم هنا بالتركيز على التعليم النوعي الابتكاري، التعليم الذي يصنع جيلا مبدعا، متخذا من اقتصاد المعرفة ضرورة مهمة في سبيل صناعة ابتكارية تؤطر للمستقبل.

كما إن عليكم الحرص كل الحرص على أخلاق المجتمع وقيمه الرفيعة المستمدة من دينكم الحنيف، والمتوارثة من رجال أماجد صاغوا الحضارة، ومن عادات عمانية نفخر بها، وتقاليد نسعد بها، وتواصل وترابط وتكافل بين بني عمان، هو مثار الإعجاب، ومدعاة الفخر، وأساس الرقي والتقدم. وأعلموا أنكم رسل سلام ومحبة، وأنكم مُثُلٌ عمانية تسير على الأرض تنثر الورد بين الناس، وتدعو للخير والوئام، وأنكم أينما يممتم وتوجهتم تكون عمان العظيمة ماثلة بين أعينكم، حاضرة بين جوانحكم، مرتسمة بكل تفاصيلها الرائعة، ودوما إذا سئلت قلت: أنا عماني ورثت المجد، بي ترقى عمان وتعتلي هام الثريا منزلا.

ثم إن عليكم الاستفادة الكاملة من وسائل التقانة الحديثة، ومنجزات الثورات الصناعية المتلاحقة، استفادة تحققون بها مراد الوطن، وتنجزون بها عمان المستقبل، فلا إفراط ولا تفريط، ولا مجال للكسل والتهاون؛ بل للعمل الجاد المخلص الدؤوب.

وعليكم العلم بأن كل واحد منكم قيمة مضافة لمجتمعه وبلده، وعليه واجب البذل في سبيل ذلك، ولكم أن تتخيلوا أن يكون كل شاب وشابة قيمة مضافة في مجال فكره واهتماماته واختصاصه، كيف نكون علامة ذات ميزة كبيرة في الداخل والخارج. وأعلموا كذلك أنكم خط الدفاع الأول والثاني والثالث عن وطنكم وبنيه، دفاع الفكرة بالفكرة، والعلم بالعلم، والإنجاز بالإنجاز، دفاع الواثق المطمئن، والعقل الراجح، والحكمة المنشودة.

حفظ الله تعالى عُمان الشامخة بشبابها، وحفظ الله تعالى مولانا السلطان المُعظم السامق بأبناء شعبه المُفاخر بمنجزهم، وحفظ جل وعلا أبناء عمان صفا واحدا متين البنيان، راسخ الأركان.