من وحي لقاء قصر العلم العامر

 

مسعود الحمداني

samawat2004@live.com

 

(1)

لقاءات صاحب الجلالة السُّلطان- حفظه الله- مع شيوخ المُحافظات نهج حكيم، اختطه جلالته، ليلتمس احتياجات شعبه من خلالهم، ويستمع عن كثب لمطالب وأفكار واقتراحات هذه الفئة من المُواطنين، الذين أؤتمنوا على حاجات مواطنين آخرين في قراهم، ومناطقهم، ولذلك فجلالة السُّلطان- أعزه الله- يستمع إلى أصوات بقية الناس من أفواه هؤلاء الشيوخ الذين كان لبعضهم دور لا يُنكر ذات تاريخ، وكان لكثير منهم وقفات وطنية وإنسانية لا تنسى، ولعل وجودهم يعد أحد ركائز البنية الأساسية للمُجتمع العُماني.

لذا يجب أن يحرص هؤلاء الشيوخ على إيصال صوت المواطن للحاكم، وليس صوته الشخصي، أو مطالبه الخاصة، لأنه- كما أسلفتُ- "شيخ مُؤتمن" على مصالح غيره من المُواطنين، وموقعه كـ"شيخ" يعتبر تكليفا اجتماعيا، وليس سلطة أو تشريفا متوارثا فقط.

(2)

شكّلت عقبة "المأذونيات" مشكلة حقيقية لأصحاب المُؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بل وعملت على زيادة أسعار سوق العمل، وكبَّلت التجار الصغار بقيود مالية ضخمة عجزوا عن تجاوزها، فتلك الزيادات لم تكن منطقية، ولا معقولة، ولا مقبولة بالنسبة لسوق عمل صغير كالسوق المحلي؛ بل إن تلك الزيادات الصاروخية أجبرت بعض المؤسسات على الإغلاق تجنبًا لدفع مبالغ لا يُمكن أن يعوضوها على مدار العام.

وكان نبأ ساراً الذي تفضل به حضرة صاحب الجلالة- حفظه الله- بتخفيض قيمة المأذونيات، لكي يسير عمل سوق العمل بسلاسة ويسر، ويدب النشاط في أوصال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من جديد.

السؤال: لماذا كانت الزيادة في الأساس؟ وما الذي جناه سوق العمل من تلك الخطوة "المُتسرعة" منذ البداية؟ ومن سيعوّض أولئك التجار الصغار مؤسساتهم التي أغلقوها بفعل ذلك القرار؟

(3)

أسدى صاحب الجلالة- حفظه الله- توجيهاته الكريمة بأهمية الشروع بتنفيذ المشاريع التنموية المُلحّة، التي يحتاجها المواطنون، وهذا يستدعي من المُحافظات عملا تنظيميا وإداريا وماليا ومهنيا يواكب تطلعات قاطني تلك الولايات، وهو عمل ليس باليسير كما يبدو، ويحتاج إلى هيكل إداري احترافي ومهني وعلمي قد لا يتوفر في بعض المحافظات دون "لجنة استشارية علمية"، و"لجنة تنفيذية أكاديمية"، تستعينان بالمقترحات التي يقدمها المواطنون سواء كانوا: أعضاء مجلس الشورى، أو أعضاء المجلس البلدي، أو أصحاب الرأي من الشيوخ والأعيان وبقية فئات المواطنين الذين يجب أن يكون لهم صوت واضح في ولاياتهم، وليسوا مجرد رقم في دفاتر التعداد السكاني العام.

(4)

الوطن لا يُبنى بالصوت الواحد، ولا باليد الواحدة، إنِّه بحاجة لكل يد، ولكل صوت لكي يشعر كل مواطن أن له الحق في بناء وتنمية وطنه، دون إقصاء أو تهميش، أو إلغاء..وطنٌ يتساوى فيه الجميع، ويعرف المواطنون فيه ما لهم من "حقوق" فيمارسونها بوعي، وما عليهم من "واجبات"، فيؤدونها بإدراك، دون إفراط أو تفريط، لكي تمضي سفينة الوطن إلى غايتها المشرقة بإذن الله.