ماذا نريد؟!

 

مدرين المكتومية

ماذا نُريد؟! سؤالٌ بديهيٌّ يتبادر إلى أذهاننا كلما شعرنا أننا نخطو خطوة نحو تحقيق أهدافنا، وفي كل مرة يكون لدينا الشغف نحو شيء ما، بمجرد امتلاكه يشعرنا بأنَّه أمر عادي.. أيُعقل أن نكون نحن أيضا كأشخاص نعيش علاقاتنا بالآخر وفق ترف الحصول عليه؟!

ماذا نُريد حقًا؟ حتى في أبسط الأمور! دعونا نتخيل معًا لحظة حاجتنا لتحقيق أمر بعينه، شيء ما نريده بشكل كبير ونسعى إليه بكافة ما نملك، بطاقتنا ومشاعرنا وأيضا بأموالنا للحصول عليه، وبمجرد ما نحصل عليه، نشعر أنَّ الأمر وبرغم كافة الصعوبات والإحباطات والتخبطات التي مررنا بها، إلا أنه أصبح عاديًا وسهلًا بمجرد ما حلصنا عليه! وفي اللحظة التي كُنّا نرى أن هذا الأمر هو كل ما نُريد في هذه الحياة، يتوقف ذلك الشعور ببحثنا عن شيء آخر قد يُشكِّل لنا أهمية أكبر مما كنَّا نعتقد أنه أهم ذات لحظة بالنسبة لنا.

إننا عندما نتمعن في هذا الأمر، نجد أنفسنا فيه، نرى أن ذلك ينطبق علينا، فنظل نبحث عن شيء نود أن نمتلكه أيضا، شيء آخر نستحوذ عليه ليصبح ضمن أملاكنا، وبمجرد ما نعيش زهو امتلاكه سرعان ما يعود الشيء لعاديته ونصبح نبحث عن شيء آخر نريده أيضا، وإذا ما كنا فعلا نعيش تحت سطوة البحث والامتلاك فكيف يعيش الآخر علاقته بمن هم حوله؟

أعتقد أنَّ الإنسان أيضا في علاقته بالأشخاص وبالتحديد شريك الحياة، أيضاً تجد أناساً يعيشون قصة حب، وتلك القصص تأخذ منهم سنوات من المشاعر والعطاء والتفكير خاصة وإن لم يكن هناك قبول بين العائلتين لذلك الارتباط على سبيل المثال، وعند امتلاك الشخصين لبعضهما، تجد أن أكبر مشكلاتهم قد حلت وأنهم سيعيشون قصة علاء الدين، وفي الواقع يستيقظون على مشاعر مختلفة في كثير من الأحيان، وربما يجدون أنفسهم أصبحوا عاديين، وأن كل تلك المشاعر لم تكن سوى مرحلة من مراحل الرغبة في الامتلاك، وعند امتلاك الشيء يبدأ بريقه في الانطفاء.

إنَّ المشاعر كأي شيء آخر، قابلة للتوهج وقابلة للانطفاء، وفي كل الأحوال مهما بلغنا فيها من الزمن نجد أن هناك لحظات فتور ولحظات توقف وربما لحظات حاسمة، وهذا كله يعود لمدى الشعور الذي يعيشه الشخص اتجاه الآخر، ومدى أهميته، وتأثيره وفي نهاية المطاف نحن لا نختار سوى ما نجد أنفسنا نريده ونرغب فيه بشدة، وتلك الرغبة اتجاه الشخص أو حتى امتلاك الشيء هي رغبة حقيقية لكنها الحياة، ولأننا بشر نمتلك سقفاً من التطلعات والطموحات التي تجعلنا لا نتوقف بل نبحث ونريد ونتصور وننتظر.

إنها رسالة قصيرة، مفادها أن كل الأشياء غير المتاحة والتي نريدها بشدة، هي الأشياء التي لا ننساها؛ لأننا لم نستطع الحصول عليها، وستظل دائماً تؤرقنا لأننا لم نعش زهو امتلاكها.