من يقتحِم الحِمى؟!

المعتصم البوسعيدي

تطغى كرة القدم على مُختلفِ الرياضات عالميًا وقاريًا ومحلياً؛ فشعبيتها جارفة، واستثماراتِها فارقة، وتأثيرها بيِّن، ولا تكادُ تقفُ على حدودٍ مُعينة، وفي عُمان البون شاسع رغم الحالة العامة لرياضتِنا الضعيفة، ولا مُنافس لكرةِ القدم، ولن يكون هناك مُنافس في المدى القريب على أقلِ تقدير.

وفي ضوءِ ذلك، نرى بوصلة الإعلام الرياضي المحلي تتجه- دائمًا- نحو كرة القدم، وثمة نقد يعلو صوته بين فترة وأخرى حول تحيز الإعلام لهالة "الجلد المنتفخ"، مع أن الوضع طبيعي؛ لطغيان الكرة آنف الذكر، ومع هذا لا يمكن تجاهل الطرح في هذا الجانب على المطلق، وقد يستثنى في الفترة الأخيرة دخول مُنافس شرس من بابِ رياضاتِ الهجن ومهرجاناتها عالية القيمة، والتي أكسبها في الشأن العُماني صيتًا لا يُعلى عليه، شخصية صاحب السُّمو السيد أسعد بن طارق آل سعيد، والذي قالها بصراحة واضحة نحو منافسة كرة القدم التي لم تقدم الإنجازات المطلوبة طوال الخمسين عامًا الفائتة، وهو تصريحُ أطلقَ العنان لاقتحامِ حِمى كرة القدم ومكانتها غير القابلة- قبل هذا- للمساسِ والتزعزع.

لقد نجح مهرجان البشائر الأخير في رسم خارطة جديدة، أو لنقل لتعزيز خارطة بدأت منذ سنوات تبرز- بشكل أكبر- رياضة تقليدية ذات حظوة سلطانية وملكية وأميرية في الخليج العربي بشكل خاص، وكانت- وما زالت- للنوقِ العُمانية والمعنيين بها من مضمرينَ ومُلاك "الناموس" في الميادين ومضرب الأمثال في حديث المجالس وأبيات الشعراء، حتى أننا لا يمكننا مقارنة كرة القدم بهذه الرياضة على المستوى الاقتصادي سواءً في جوانب البنية التحتية أو الرعاية أو الجوائز النقدية والعينية. ويظل السؤال هنا.. من يستطيع أن يقتحم الحِمى من باقي الرياضات؟!

ويظهر العمل الاحترافي والممنهج في بطولات اتحاد كرة الطاولة بقيادة المخضرم عبدالله بامخالف، هذه اللعبة التي لو قورن عملها مع الكثير من الرياضات وخاصة كرة القدم، لوجدنا فوارق كثيرة في التنظيم والتطوير وغيرها من المعايير المهمة، لكن هامشها الإعلامي خاصة محليًا غير ظاهر بالصورة الحقيقية. وقد يتوافق هذا العمل مع عمل اللجنة العُمانية للشطرنج أيضًا. وفي جانب آخر، نرى ورغم تحليق كرة الطائرة في سماء الكرة العربية مؤخرًا عن طريق نادي الكامل والوافي والسيب العريق، وما يعمل عليه الإخوة هناك من محاولات للنهوض بها وتوسيع رقعة ممارسيها، إلا أن هُناك طرح حول الأسماء التي تدور في دائرة التنقلات وما تحدثه على صعيد بطولات الأندية وحصادها المتباين كلما خرجت تلك الأسماء من نادٍ لآخر. دون أن يكون هناك استشعار حول قدرة هذه الرياضات لاقتحامِ حِمى كرة القدم.

يبدو لي أنَّ أقرب الاتحادات الرياضية في السلطنة قدرة على منافسة كرة القدم، هو اتحاد ألعاب القوى، لوجود عوامل كثيرة وعمل مُرضٍ- نسبيًا- من قبل الاتحاد السابق، مع ترقب لعملٍ أكبر من الاتحاد الحالي في التسويقِ والرعايةِ والاهتمامِ بالأبطالِ وصناعتهم للذهب الأولمبي، ومن الأحلام الوردية الممكنة الحدوث إعادة إحياء إنشاء مركز متخصص لصناعة البطل الأولمبي في الجبلِ الأخضر، لمثالية موقعه ليس للأبطال المحليين فقط؛ بل لاستقطاب أبطال العالم باستثمارٍ رياضي سياحي علمي؛ فمثل هذا المركز يحتاج لمنهجية علمية في التدريب وصناعة أبطالاً من الألفِ إلى الياء.

من يقتحِم الحِمى؟! سؤال مفتوح يمكنكم الإجابة عليه من خلال معرفة واقعنا، مع الإشارة لوجود أمثلة أخرى في الساحة الرياضية- إن صح التعبير- وما ذكرته في معرضِ حديثي كان على سبيلِ المثال لا الحصر.