أوراقنا بدون ألوان يا عرب!

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

لا توجد أمة على وجه هذه الأرض مثل ما هي أمتنا العربية، تؤمن بالقضاء والقدر، وهذا من البديهيات المعروفة، في إيمان البشرية السوية، غير أن الأمر تقادم عليه الزمن من حيث المعرفة والإيمان وتغيرت بوصلة هذا الفكر شيئًا فشيئًا، حتى وصل الأمر إلى الخلط في التطبيق والعمل الذي يناسب الحياة الطبيعية للإنسان من حيث الجهد والعمل والإبداع والتضحية، وما بين الاستكانة والكسل؛ بل والاستسلام الفكري المعمق والذي أوصل الأمة إلى ما هي عليه اليوم بين الأمم.

من هو العاقل المُخلِّص الشجاع الذي يستطيع وبكل وضوح أن يقول إننا بحاجة إلى مصارحة قوية مع الذات بأن الأمة ليست في خطر على مستقبلها؛ بل إنها في منتهى الخطر في حاضرها وواقعها الذي تعيش. غير أننا وللأسف الشديد، ومع تعمق الشعور بالرضا على ما نحن عليه، فإن معظمنا لا يقرأ الواقع بشكله الصحيح، ولا توجد أفكار أو دراسات واقعية تحاكي الاستجابة المثلى لأي عارض مع أحداث الدنيا، إنما علاجات متواضعة لكل حدث وبمساعدة الدول الأخرى وباستخدام الحلول التي يقومون بها وأدواتهم سواءً كانت تتحدث عن الحاجة إلى القوة أو العلم أو حتى الطعام الذي يبقينا أحياء على هذه الأرض.

اليوم العالم بأسره يقرع طبول الحرب، والسؤال أين موقع الأمة في حسابات الدول، ما لون البطاقة التي سنقول من خلالها "نعم أو لا"، ومع من؟ وهل ستؤول الأمور على احتساب هذه الأعداد الهائلة من البشر وآلاف الكيلومترات وما تزخر به من خيرات لا تعد ولا تحصى فقط على هامش تقسيمات الدول؟ وإذا ذهبنا إلى جوانب أخرى قد تكون أكثر إلحاحًا: من أين طعامنا؟ بل ماؤنا.. من الذي ينقيه من البحار؟ فهل هذا منطق يجعل هذه الأعداد تعيش في سعادة مع واقعها؟!

من خلال اجتهادات شخصية، أتلمسُ الأسباب الرئيسية لحال الأمة وأرى أن واحدًا من أهم الأسباب هو اعتقاد معظمنا بأن دوره في الحياة مشاهد ومدقق ومنتقد، وأن كل شيء أسبابه من آخرين كمسؤول أو دول أخرى أو حكومة. وفي الحقيقة أنَّ وضع الأمة نتاج عملها الجماعي وفكرها ورؤيتها للحياة، والأمر الآخر والأهم هو وجود توجهات وانقسامات فكرية طغت على وحدة وقوة الدولة، واتجه الغالب من الشعوب إلى اتباع المِلَل والتفرعات العرقية وأصبحت الشعار الأكبر والأسمى الذي يعلو الدولة، واتباع النظم أكثر حرصًا ودقة، في حين أن كل المُسلّمات الإيمانية والقبلية وغيرها، ومع أهميتها لا شك.. لكن تبقى شخصية تعلوها الدولة؛ لأن اندماج الجميع تحت راية الدول لا يوجد له سبب للانقسام، وهو الملزم للجميع دون إتاحة الفرصة لأي فكر مجانب.

أما ما هو أدنى من ذلك، فيجب أن يكون مقدرًا ومحترمًا ومغلفًا بالقانون الذي يحمي الجميع، ولذلك وإذا لم نتغير في هذه البديهيات، فإننا سنبقى تبعًا للعالم ونتبع أفكارًا لن توصلنا إلا إلى الهلاك.

غير أننا وإن جعلنا رؤيتنا نحو الوطن والقيادة، فإن الطريق إلى العمل الجماعي المنتج والمنظم سوف يكون سبيلًا إلى القوة، وعلى الرغم من وجود جوانب لا تعد ولا تحصى من العمل المطلوب لتأمين ما يجعلنا في أمان ودفء واستقرار، غير أنني اليوم أضع جانبًا واحدًا أرى أنه انطلاق لما يمكن أن يكون مفيدًا في هذه الجوانب هو دراسة عملية للاستفادة والحفاظ على الماء بإستراتيجية مختلفة وعقول أخرى، والذي يمكن أن يكون منطلقًا لكل آمال الأمم والشعور باستقرار الحياة؛ ذلك أن الماء سبب وجودي ورئيسي لكل الحضارات التي وثقها التاريخ وانطلاقًا إلى القوة.