سارة البريكية
يحدث أنَّ الجبال الراسيات والرياح العاتيات في صحراء الأفكار المكتظة بالذكريات والأماني والأحلام لا تسمح لك بالتقدم ومواصلة السير، يحدث أن تكون في مكانك متمسكا بأحزان قلبك وحيدا تصارع الأسى الذي يحتل يومك تحاول اجتياز كل ذلك ولكنك في مجابهة كبيرة لا تشبه إلا مجابهة العدو الثائر.
تمر بك السويعات وأنت كجسد مسجى في أحد المستشفيات تنظر إلى السقف وتحاول جاهدا الخروج من نفسك ولا مفر من تلك الأحاسيس التي تراودك ومن غضبك على من توقعت منهم أن يسندوك فكانوا هم الخذلان الأكبر في حياتك هم من رفعتهم ومن مسكت بأيديهم طويلا ومن تشبثت بهم في عز ظروفك الصعبة لكنك لم تفكر في هذه اللحظة ولم تطرأ على بالك.
يحدث أن البحار والمحيطات والأنهار والأودية التي تجري في حياتك تخالط الدم الذي في عروقك فيصبح كثيفا يتدفق بصعوبة في جسدك المسجى وعند اللزوم لا يستطيعون إخراج قطرة واحدة منه في تعجب غريب يجتاح الطاقم الطبي لكنك تتمتم لهم إنها ليست المرة الأولى وإنني تعودت على ذلك لا دماء لا بحار لا محيطات ولا حتى أودية فالدم لا يستجيب.
يحدث أن الطموح الذي رسمته صغيرا ذبل رغم أنك جابهت الكثير ومرت عليك عواصف عديدة لكنك كنت واقفا لا تهزك الرياح هذه الرياح دمرت بيتك القديم وهزت أركان جذور النباتات اليانعة فأردتها كالقتيل المسجى في لعبة أوكرانيا وروسيا التي نشاهدها يوميًا في تعجب غريب! ما الأغرب من دبابة كبيرة ضخمة تدهس سيارة صغيرة إلا أن المعجزة الإلهية كانت وكأنَّ شيئا لم يكن فقد حمى الله ذلك العجوز من موت محتوم، كل هذا لتصل لنا رسالة سامية؛ مغزاها أنَّه لو اجتمعت الإنس والجن لمضرتك فلن يحدث ذلك إلا بمشيئة الله وإرادته والعكس صحيح فها أنت تسعى وتحلم بتلك الوظيفة الحلم الأكبر لك والذي ظل مرافقاً مخيلتك منذ صغرك كبرت ودرست وواصلت دراستك العليا ولكن كأنك تصرخ بأعلى صوتك في وادٍ ليس ذي زرع ويرتد صوتك مجددا إليك لتعود بخفي حنين تطالع السقف وتفكر هل سيتحقق حلمي بالوظيفة هل سأصعد القمم في واقع آخر هل سيتغير هذا الروتين اليومي هل من بشرى سارة!؟
ويحدث أن تصدق نفسك وترفع سقف توقعاتك لتحل الخيبة بأيامك وسنينك فما الذي تملكه سوى أن تترقب وتحلم وتنتظر لعل القادم أفضل ولعل الأيام ستتلون بألوان الطيف السبعة وستجني من رحيق الأزهار التي زرعته بصبرك ومناضلتك ومحاربتك للأسى وأنين أيامك التي أوشكت على الانتهاء وبدأ العد التنازلي لذلك كما حدث في شوارع كييف وهي الآن خاوية من المارة إلا القليل ماذا حدث ودولة عظمى يحدث بها ما حدث بسوريا إلا أن السيناريو الأخير كان في أحد الأفلام القديمة وكان حدوثه كمجريات لعبة بيت الرعب وأنت تدخل في داخل اللعبة ومتوقع حدوث ما يخيفك هناك لكنك تدخل لترى وتكتشف وتحس بإحساس الخوف وتجرب أحداثًا مختلفة ورغبتك القوية في الدخول إلى هناك لأنك تعلم وتعي أنه شعور مؤقت وأن كل شيء سيعود كما كان وأن الأوقات الصعبة ستنقضي وستشرق شمسك قريباً وتفوز بجائزة الحلم وتقول: يحدث أنني نجحت في الوقت بدل الضائع بعد توقعات الجميع بفشلي الذي لن يحدث وأن انتظاري الذي طال وقته سيحين موعد انتهائه قريباً أحياناً خساراتنا في أوقات معينة تخبئ لنا نجاحات في وقت لا نتوقعه أبدا فيتبدل الحال وتتغير الأحوال وقدر الله وما شاء فعل.