خدعوكم فقالوا.. "نصلي لأجلكم"!

 

 

الطليعة الشحرية (حالوت أليخاندرو)

مفتاح السرِّ في بلع "الناتو" ردة الفعل الحازمة، واستبدالها بعبارات شجب وتنديد و"نصلِّي لأجلكم"، هو نظام "سويفت SWIFT"؛ ولكن ما هو نظام "سويفت"؟ وما بدائله؟

"SWIFT" هو اختصار لـ"جمعية الاتصالات الدولية بين البنوك"، وهو نظامٌ إلكترونيٌّ مُشفَّر، يقتصر استخدامُه على الأعضاء لتبادُل الرسائل الخاصة بالمعاملات المالية والخدمات بين البنوك والمؤسسات المالية حول العالم. ولا يحتفظُ النظام بأية أصول مالية، وليس له رأسمال سوى ميزانية تشغيله السنوية التي تأتي من اشتراكات الأعضاء والرسوم البسيطة؛ أي أنَّك إذا ذهبت إلى البنك الذي تتعامل معه لتحويل أموال؛ سواء داخل أو خارج البلد نفسه، سيُطلب منك رقم حساب "سويفت"؛ فالنظام يرتِّب ويسهِّل التعامل بين الأفراد والشركات العاملة به.

وفي الوقت ذاته، لا تستطيع الدول التي تشارك في نظام "سويفت" التعامل ماليًّا إلَّا من خلاله، وهي الأداة "العقوبات" التي تهش بها أمريكا على من يُخالفها؛ فقد يتمُّ حظر الدولة وتُحرم من التعامل التجاري ماليًّا مع الدول أخرى تمامًا مثلما حدث مع إيران.

فاستخدام التهديد ذاته مع روسيا في حال أقدمتْ على غزو أوكرانيا، يعني عدم قدرة روسيا على تصدير مُنتجاتها من النفط والغاز...وغيرها، أو التعامل ماليًّا مع العالم.

وقد عانتْ الشركات الإيرانية من حجبها من نظام "سويفت" على إثر البرنامج النووي الإيراني؛ ففي العام 2012م، طردت 30 مؤسسة وشركة إيرانية من خدمات نظام "سويفت"، بما في ذلك البنك المركزي الإيراني؛ تماشيًا مع عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد إيران. وبعد توقيع الاتفاقية النووية الإيرانية في العام 2015م، أَعِيد ربط طهران بالنظام. وفي العام 2018م، انفصلتْ إيران مرة أخرى عن النظام عندما فرضت الولايات المتحدة عقُوبات جديدة؛ وبذلك خسرت إيران ما يقرب من نصف عائدات تصدير النفط، و30% من تجارتها الخارجية نتيجة تعليقها من نظام "سويفت".

الوضعُ مُغاير مع روسيا؛ فليس بمقدور الاتحاد الأوروبي -الذي تحاول سياسة "الكاو بوي" لَيَّ ذراعهم للاصطفاف معهم في حربهم الباردة مع الصين وروسيا؛ وهذا بمثابة كارثة على الاتحاد الأوروبي التي لديها تجارة كبيرة مع روسيا، وهي أكبر مورِّد وحيد لها للغاز الطبيعي.

وتعدُّ روسيا ثاني أكبر دولة بعد أمريكا من حيث عدد المستخدمين في نظام "سويفت"؛ حيث تُشارك حوالي 300 مؤسسة مالية روسية في النظام، وقُدِّرت تعاملاتها المالية بـ1.5% في 2020، إلا أنَّها أنشأت نظامًا للمبادلات المصرفية خاصًّا بها في العام 2014م، تعتمد فيه 20% من تحويلاتها المحلية ويسهل لها التعامل مع البنوك الصينية.

ولكن، هل هناك بدائل للنظام "سويفت"؟ وما تأثيره على النظام المالي العالمي، ومعاملات الأفراد، والأعمال، والدول؟

رغم أنَّه ليس النظام الوحيد لتبادل رسائل المعاملات بين البنوك والمؤسسات المالية، فإنَّ نظام "سويفت" هو الطاغي تماماً حتى الآن، ويصعُب على أي بلد أو مؤسسة ألا تكون مشتركة فيه طالما تتعامل ماليًّا مع دولة أو دول أخرى. هناك نظم تبادل رسائل مالية أخرى مثل "فيدواير" Fedwire أي شبكة الاحتياطي الفيدرالي، ونظام "ريبل" ونظام "تشيبس" CHIPS أي نظام مدفوعات إدارات الحسم بين البنوك؛ لكن استخدام هذه النظم يظل محدوداً مقارنة بنظام "سويفت"، ولا تزال نصف العمليات تتم عبر نظام "سويفت" والذي تصل نسبة الرسائل اليومية عبره إلى 50% و47% من المعاملات تتعلق بالتأمين وضمانات الائتمان...وغيرها.

إذن؛ لا يُمكن أن تتم معاملة بدون استخدام نظام سويفت، وعليه فلا تستطيع دولة خارج النظام أن تُتاجر أو تقترض أو تستثمر أو أن تُجري أي تعاملات مالية دولية، والسؤال هنا: هل يمكن الاستفادة من التجربة الروسية وصناعة نظام جديد للتعامل مع الدول الصديقة الحليفة؟ أم أننا سنتبع خُطى الرئيس الأوكراني ونلغي متابعة كل قادة العالم من منصات التواصل الاجتماعي؟